29-10-2022 09:38 AM
بقلم : الدكتور علي الصلاحين
مقولة عظيمة للفاروق عمر رضي الله عنه يقول فيها: “عجبتُ لجلد الفاجر وعجز الثقة” وهي مقولة سديدة كأنه حي يعيش بيننا. فمشكلتنا في كثير من الأحيان،أننا نتكلم كثيرا فاالذين يتكلمون ليس بالضرورة أن يكونوا “فجرة” بالمفهوم الذي تحدث عنه عمر رضي الله عنه ولكن هم أولائك الذين يحملون مشاريع تسير ضد رغبة غالبية المواطنين وطموحاتهم، أو ليست ذات أهمية ولا أولوية بالنسبة إليهم، ومع ذلك يتشبثون بها ويناضلون من أجل تحقيقها، فيتحدثون عنها في كل مكان ويستغلون كل منبر. هذا التقدم بالحديث والتظاهر بمظهر الواثق من صدقية القول هو نوع من “استغفال” الجماهير المتابعة والواعية في كثير من الأحيان، حيث درجة الوعي لا ترتبط بالضرورة بدرجة التعلم أو بالمستويات الدراسية للأفراد، فكثيرون منا هم واعون وعيا حقيقيا بما يقع، بل يتوقعون أيضا ما قد يحدث، وإن لم يسبق لهم أن تابعوا دراساتهم بالجامعات. فحين يتحدث المتحدث بكل ثقة واعتزاز وهو مؤمن حتما بأنه لن يفي بما وعد به الناس او ان يعد الناس بنتائج تتنافي مع المقدمات او الجهد المبذول لحل المشكلات ، وإن أراد ذلك وسعى إليه، لأنه ربما مدفوع إلى غيره دفعا، أو من منطلق سعيه نحو الشهرة أو الشعبوية والثروة والجاه، أو ليظهر بمظهر المظلوم، فإنه فعلا يبتغي صناعة الغفلة بين الناس. وعندما يُكثر من ترديد كلامه وشعاره، والناس واعون مدركون لـ”كذبه” أو لـ”عجزه”، فإنه يستحق بجدارة أن يصنف ضمن خانة “المفوهين من أمتنا” فما أكثر ما نجد خطباء مفوهين لكنهم لا يعملون، وبالمقابل ما أكثر ما نجد في أمتنا وفي وطننا رجالا عظاما لهم من الحكمة والرأي السديد ما يسهمون به بشكل فعال في إخراج الناس من ضنك العيش وبؤس الواقع، لكنهم اختاروا الصمت وتواروا إلى الوراء، فمنهم من اختاره اختيارا عن قناعة وبعد تجربة ومعاينة، ومنهم من اختاره كفرا بمناهج التغيير القائمة وإيمانا منه بأن لا جديد تحت الشمس، وبأن صمته وابتعاده عن الأنظار وإن كان ضررا، وهو كذلك بالفعل، فإنه أخف، حسب رأيه، من أن يتحدث فيكشف جهل وسذاجة، بل وسطحية “المفوه” منا، فيكون بكلامه قد عرضه للسخرية والشماتة، ولعل هذا الموقف بني على قواعد منها “وكم حاجة قضيناها بتركها”، و”هذا أخف الضررين” وما إلى ذلك.
إن الإنصات لنبض الشعوب الآن أصبح ضرورة وواجبا آنيا لإنجاح فرص التغيير القائمة، وإن الإخلاص في النصح والصدق في العمل والانتصار لقيم المواطنة وإيثار مصلحة الوطن أولا كل ذلك من شأنه إن روعي فعلا أن يخرجنا من دائرة “الكلام” إلى دائرة “الفعل والتنفيذ” وإن كان لهذا أجر فالأهم أن ننتقل إلى التنفيذ بما يضمن مصلحة غالبية الناس من الفقراء والمساكين والطبقة المتوسطة والمسحوقة على حد سواء، فهم ينتظرون ليرون مبادرات تصب في صالحهم وتحقق لهم نوعا من العدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية الغائبة منذ أمد بعيد. والتي لم نرى لها نورا في نهاية النفق،
*الدكتور علي الصلاحين
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
29-10-2022 09:38 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |