حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الإثنين ,7 يوليو, 2025 م
طباعة
  • المشاهدات: 593

سنّة التغيير والإصلاح والتجديد

سنّة التغيير والإصلاح والتجديد

سنّة التغيير والإصلاح والتجديد

12-12-2020 09:50 AM

تعديل حجم الخط:

بقلم : الدكتور علي الصلاحين


كثير من الناس يخافون من التجربة والتغيير، ويأنسون بما اعتادوه من أوضاع، ولا يثقون إلا فيما جرّبوا من أدوات، ويجدون لهذا المسلك كثيرًا من المسوّغات.
فمن عجائب الشخصية العربية، أنّها لا تعزم ولا تنهض للتغيير عند بدايات الخلل وانعدام الفاعليّة، إنّما تعزم على التغيير عند وقوع الكارثة، وسقوط السقف .
الإشكال الكبير ليس في ذلك! إنما في مرحلة الأزمة وتصدّع السقف وانعدام الفاعليّة؛ هي من المراحل المتأخّرة التي يتعذّر فيها الإصلاح الحقيقيّ ويكاد يكون عديم الجدوى
رأيت هذا في كثير ممّا يعرض من المشاكل الزوجيّة، وحالات الطلاق.
فعناد أحد الزوجين ورفضه تغيير سلوكه في بدايات الخلل والشقاق والنزاع، يجعل من لمّ الشمل والإصلاح بينهما، أمرًا متعذّرًا أو مستحيلاً.
رأينا هذا في سلوك بعض التجّار والمؤسّسات التي تتناقص وتنعدم مبيعاتها، وتخسر بعض زبائنها وعملائها، لكنّها لا تحاول التغيير ولا تفكر فيه إلا بعد أن تتجاوزها حركة الاسوق، ويسقط على رأسهم السقف.
أمّا في أوساط القادة والعلماء، والحركات القومية والإسلاميّة، فالأمر أشدّ تعقيدًا، وأخفى سبيلاً
على مستوى التنظير والكلام، ستسمع ترحيبًا بالتطوير، وحفاوة كبيرة بالتجديد، وشعارات ودعاوى عريضة بالرغبة في التغيير، أمّا على مستوى المبادرة المعلنة، والعمل الجادّ، فإنّ الأمر يُقابل بكثير من المعوّقات الثقافيّة والسلوكيّة والاجتماعيّة.
حضور عنصر ” الانا المُقدّس” له تأثيره الأكبر في معادلة التجديد والتغيير،ّ فالعالم أو القائد يتوهّم أنّ ما استقرّ له من آراء واجتهادات، وما عرف عنه من مواقف وتوجيهات؛ هو في دائرة المقدّس، لا يجوز مراجعته ولا التراجع عنه، لأنّ مراجعته جهل وانحراف أو التراجع عنه تخاذل وضياع.
ويزداد الأمر ثقلاً وصعوبة إن كان القائد أو العالم له جمهورًا من الأتباع والمعجبين، تأنس نفسه بكثرتهم، وتركن لإعجابهم، ويشفق عليهم من (فتنة) الرأي الجديدٍ! الداعي إلى الإصلاح والتغيير هذه ليست دعوة للتمرّد، أو بثّ الفوضى والاستعجال، بل هي تثوير للعقول، ونداء صادق لحماية مكتسبات الأمة ، وجهود أهلها وتضحياتهم.
لقد جاء النبيّ عليه الصلاة والسلام، بمبادىء مباركة قدّم للإنسانيّة من خلالها بناء حضاريًّا فريدًا، لكنّه لم يكن يلقي ببذور دعوته، وأسس حضارته عبثاً دون توفير منهج متكامل يضمن (الحماية والفاعليّة)، بل جعل الاجتهاد مفتوحًا لكلّ التدابير والوسائل، لحماية منجزات دعوته وتضحيات أصحابه.
وعندما أصاب أمّتنا التخلّف فإنّها لم تعد تلقي بالاً لهذا المسلك المهمّ، والمنهج القويم، فكلّ ما يهمّنا العمل، وإن لم يصل لغاياته، أو لم يدم،
ولعلّ هذا ما يفسّر لنا عدم وجود “تناسب” بين الجهود والتضحيات المبذولة، وبين النتائج والمحافظة على المنجزات السابقة
وهكذا ندور في حلقة مفرغة من البذل الصادق، ثمّ الانقطاع، ثمّ الاستئناف من جديد، ثمّ ضياع الجهود من جديد، ثمّ تغريب ثمّ الاستئناف من جديد
إنّ لله تبارك وتعالى في هذا الكون سننًا ثابتة، لا تتخلّف محاباة لنبيّ أو وليّ، ويتساوى فيها المسلم والكافر، والبرّ والفاجر.
فكلّ أمّة أقامت نهضتها وبناءها الحضاريّ، ثم وضعت التدابير للمحافظة عليه، وحمايته ثمّ تطويره ليواكب حركة الحياة، فإنّ الله تعالى يمكّن لها في الأرض، ويسخّر لها ما في البرّ والبحر.
وكلّ أمّة أقامت نهضتها وبناءها الحضاريّ، ثمّ لم تضع من التدابير والاجتهادات ما يحافظ على إنجازها ويحمي بناءها ومرجعيّتها، ومواكبة حركة الحياة، فإنّ مآلها التراجع، ثمّ الضعف والتخلّف والهوان وهذا ما يفسره حال الأمة الأن. الدكتور علي الصلاحين.








طباعة
  • المشاهدات: 593
ما رأيك بأداء وزارة الاستثمار برئاسة مثنى الغرايبة؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم