07-12-2020 08:44 AM
بقلم : الدكتور علي الصلاحين
ذكاء اجتماعي حينما نقابل الناس لاول مرة!!!!!! ان الناس غير مسؤولين عن سلبياتهم،لأن لا أحد خلق كاملا إلا من اصطفاه الله.نحن المسؤولون عن سلبياتهم لأننا اكتشفناها،وسمحنا لأنفسنا بفتح ما لا يحق لنا فتحه واكتشاف ما ليس من حقنا اكتشافه،أما النبش في الغرفة الممنوعة فسيوصلك إلى لوحة أنت في غنى عن رؤية بشاعتها.فلا تنبش في نفوس الناس،لن تخرج معادن نفيسة منها ولكن ستخرج جثثا إنسانية بشعة،وستكتشف مقابر جماعية للمشاعر.لا يستغني الناس عن الناس،والاقتراب كثيرا قد يدفعنا إلى اكتشاف أشياء تسوؤنا.ولو علم الناس ما في نفوس الناس لما تصافحوا إلا بالسيوف.لذا يجدر أن نأخذ ظاهر الناس،أما الباطن والسرائر فلا يعلمها إلا الله.
لذلك بعضنا يخاف من الأشخاص الذين ينمقون الكلام ويكثرون من المعاملة اللطيفة،يعتبرهم صنفا خطيرا وهدوء يسبق عاصفة قوية،ويفضل أن يضع بينهم مسافة معقولة.
إنه “فن بعد المسافة” أو “ذكاء بعد المسافة” كما تسميه الأديبة الجزائرية مستغانمي في روايتها الأسود يليق بك.حتى بين أشدّ المحبين يجب الحفاظ على هذه المسافة،تقول أحلام “الحبّ هو ذكاء المسافة.ألا تقترب كثيرا فتلغي اللهفة،ولا تبتعد طويلا فتنسى.” جمال عاشقين وسبب هذا الحب الكبير هو حركتا القرب والبعد المتناغمتين،حتى إذا اتم بعضهم أحلامه بالزواج صارا عدوين وذهبا إلى حدود الانفصال.
فن المسافة أيضا فن إسلامي ورد في الحديث النبوي الشريف “زر غبا تزدد حبا”،فالزيارة والصلة واجبتان في الإسلام،لكن تم تغليب الغاية الأبعد وهي المحبة.وذلك في سياق بناء المجتمع وبناء العلاقات الإنسانية المبنية على الود والاحترام لا على العصبية والعنصرية.
وعلينا كذلك أخذ العبرة من الطبيعة أو بعبارة أدق من حكمة الله،فهناك فن مسافة بين الأرض والشمس،لا اقتراب ينتج عنه احتراق ولا ابتعاد ينتج عنه التجمد،كلا الأمرين فيه موت لهذه العلاقة المتناغمة.والقمر الذي يبهرنا بجماله،والذي يطرب له كل عاشق، لو اقتربنا منه كثيرا لوجدناه حجارة وترابا.وعلينا تقليد البحر في حالتي المد والجزر حتى تظل علاقاتنا جميلة وهادئة وصاخبة كالبحر.حتى أننا دائما نرغب في الابتعاد عن أنفسنا عبر ساعات متواصلة من النوم،فما بالك بالآخرين؟
كل من نحبه وكل ما نحبه علينا أن نضع بيننا وبينه مسافة معقولة:..الدكتور علي الصلاحين