28-03-2020 08:41 PM
بقلم : بثينة البلخي
غالبا ما تتملكنا نحن البشر رغبة التلصص على أوجاع الآخرين، لنقنع أنفسنا أننا بأمان لمجرد أن الآخر يتألم ونحن لا، لكن وبقدر ما يمكن أن تحمله هذه الفكرة من اطمئنان بقدر ما تثيره من قلق، فلا أحد في مأمن من المرض أو الألم أو لنقل قسوة القدر.
وسط موجة القلق التي يثيرها فايروس كورونا المستجد، تبدو هذه الفكرة هشة فارغة من أي معنى، فالمرض قد يكون على بعد مصافحة أو عطاس أو لمسة منك، وما تتلصص عليه لدى سواك، قد تفاجأ بنفسك تتلصص عليه داخلك، ومع ذلك لا أدري كيف لا يزال الكثيرون يركنون إلى الاطمئنان ببعده عنهم، وهو ما يكاد يفرغ إجراءات الحكومة الصارمة والشديدة من مقاصدها التي لا يختلف اثنان على سموها كونها تضع صحة المواطن في الدرجة الأولى.
فبقلق شديد وترقب حذر، يتأهب الأردن لدخول الأسبوع الثالث في معركته مع فايروس كورونا، والإجراءات الحكومية المتخذة لمواجهته على أشدها، وفي كل ليلة يطل علينا وزير الصحة سعد جابر معلنا رقما جديدا من الإصابات، ومتمنيا علينا الالتزام بتعليمات الحكومة، وإذا ما أردنا أن نكون دقيقين أكثر، الالتزام بما يحمينا ويحفظ أجسامنا، ومع ذلك لا يزال الاستهتار يعبر عن نفسه في تصرفات كثير من المواطنين، الذين يبدو أنهم ممن يركنون إلى فكرة التلصص التي تحدثنا عنها.
بالأمس أعلن الوزير جابر عن أربعين إصابة، وهو الرقم الذي أثار هلعنا وذكرنا بضرورة أن نعيد حساباتنا، وربما يكون لا زال بالإمكان احتواء الأزمة، وتدارك الخطر المحدق، لكن ذلك يتطلب حسا مسؤولا عاليا يتماشى مع ما أبدته الحكومة من التزام تجاه واجباتها، وإنه لمن الغريب، أن تكون الحكومة بهذا المستوى من الحرص على شعبها، فيما يستهتر الشعب، أو جزء منه بنفسه.
المشكلة هنا أن هذا الاستهتار لا تلقي تداعياته بظلها على صاحبه فقط، وإنما هي سلسلة مترابطة لا فكاك منها، مما يستدعي أن يحرص كل مواطن على نفسه، ليكون الجميع بخير، ومما لا شك فيه أننا جميعا نتمنى السلامة لنا ولأحبتنا، ونرغب أن نكون بمأمن من أي مرض، لكن الأمنيات شيء والعمل على تحقيقها شيء آخر، بالتالي فإن تجاهل هذه الحقيقة، والاكتفاء بالتلصص على مصائب سوانا ، والركون إلى أمان زائف مبعثه (أنا بخير)، سيكون أصل المشكلة بل المصيبة، ولا مفر من تحمل المسؤولية وبأعلى معاييرها.
إن ما قامت به الحكومة من جهود جبارة خلال الفترة الماضية وتستمر إلى اليوم فيه، يؤكد أنها في المسار الصحيح، ولو أنها توانت عن ذلك، أو تهاونت لما توقفنا عن لومها وكيل الاتهامات لها، أما وأنها تفعل المستحيل للصمود في وجه جائحة كورونا، وتحاول الاهتمام بكل تفصيل يحمي الوطن والمواطن، فحري بنا ألا نخيب أملها، بل أن نوحد مساراتنا، وأن نلتزم بيوتنا، ونتمسك بكل أسباب الوقاية، وأن يسارع كل مخالط لمصابي كورونا بالإعلام وإجراء التحاليل اللازمة، قبل أن يضيع كل ما فعلته الحكومة أدراج الريح التي سنكون أول المتأثرين بأضرارها لا سمح الله.
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
28-03-2020 08:41 PM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |