حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الخميس ,15 مايو, 2025 م
طباعة
  • المشاهدات: 67331

العنف المسلح ضد أطفال غزة ،،، إنتهاك صارخ لحقوق الطفل بقلم الدكتور هاني جهشان

العنف المسلح ضد أطفال غزة ،،، إنتهاك صارخ لحقوق الطفل بقلم الدكتور هاني جهشان

العنف المسلح ضد أطفال غزة ،،، إنتهاك صارخ لحقوق الطفل بقلم الدكتور هاني جهشان

04-01-2009 04:00 PM

تعديل حجم الخط:

سرايا -

 

 

 

قالت جلالة الملكة رانيا العبدالله "لكن الصمت كُفر لا يقبله عقل أو دين" "... لأن ما يحدث اليوم ليس فقط خرقا للقوانين الدولية ، ولكنه ايضا تجاهل سافر لحقوق الانسان.

 

  

فعلا ان   الحرب على غزة وأطفالها تنتهك كل حق من الحقوق الواردة بإتفاقية حقوق الطفل؛ الحق في الحياة والحق في العيش في أسرة ومجتمع والحق بالصحة والحق في تنمية الشخصية والحق في التنشئة والحق بالتعليم والحق بالحماية، ويترتب عن هذا الإعتداءات المسلحة آثار جسدية ونفسية عميقة على حياة الأطفال ولأجل غير منظور؛ فالحرب كما نشهد في الهجوم على غزة، تقتل أعدادا كبيرة من الأطفال ويحرم أعداد لا حصر لها منهم من أحتياجاتهم المادية والعاطفية وتُمزق بنية مجتمعهم وتُدمر منازلهم ونظمهم الصحية.

 

على الرغم من إن الدول الأطراف في إتفاقية حقوق الطفل مسؤولة عن صون حقوق جميع الأطفال داخل أقاليمها بدون تمييز، إلا أن حماية الأطفال وخاصة في النزاعات المسلحة هي مسألة قانونية لها مرجعية دولية مرتبطة بالقانون الإنساني وأتفاقيات حقوق الإنسان، وعليه فإن أي إنتهاكات لحقوق الطفل بالبقاء والنماء والتعليم والحماية أثناء النزاعات المسلحة لا تستوجب الشجب فقط بل المنع ومن غير الممكن السماح بها بأي شكل من الأشكال وتستوجب المسائلة القانونية الدولية أمام المحاكم والمؤسسات الدولية. فإتفاقية جنيف الرابعة (1949) المتعلقة بحماية الأفراد المدنيين في أوقات الحرب هي من المصادر الرئيسية لحماية الأفراد المدنيين بما في ذلك الأطفال، وأتفاقية حقوق الطفل (1989) تتطبق في وقت السلم والحرب على السواء والتي تشمل حماية البيئة الأسرية والرعاية المساعدة في الوصول للرعاية الصحية والغذاء والتعليم وحظر التعذيب الجسدي والنفسي وأي إساءة.

 

الإعتبار الرئيسي لعواقب النزاعات المسلحة على الأطفال هو أن هذه العواقب هي مؤشرات خطيرة على إنتهاك الدولة المعتدية لحقوق الإنسان العالمية ولا سيما اتفاقية حقوق الطفل ومخالفة صارخة لإتفقيات جنيف الخاصة بحماية المدنيين. عواقب النزاعات المسلحة على الأطفال لا تنحصر بالعواقب المباشرة على صحتهم   بل تتعدى ذلك لعواقب نفسية وإجتماعية وتعليمية.

 

إن عواقب النزاعات المسلحة على صحة الأطفال هي عواقب مباشرة وعواقب بعيدة المدى تهدد حياة الأطفال وأسرهم والمجتمع بكامله، فيقتل الأطفال في النزاعات المسلحة بالرصاص والقنابل والألغام ولكن كثير منهم يموت بسبب سؤ التغذية والأمراض التي تتسبب فيها أو تزيد من حدتها النزاعات المسلحة، فالاطفال هم أكثر من يتأثر بقطع الإمدادات الغذائية نتيجة الحصار وبتدمير المحاصيل الغذائية والبنية التحتية للزراعة وكذلك هم الأكثر تأثرا نتيجة تحطيم الأسر والجماعات وتشريد السكان وتدمير الخدمات الصحية ونظم توزيع المياه والصرف الصحي. كما وأن الأطفال المتعرضين لإصابات الحروب وسؤ التـغذية المرافق للنزاعات المسلحة هم أكثر تعرضا للإلتهابات الشائعة بمرحلة الطفولة من مثل الإسهالات والإلتهاب الرئوية وبتالي الوفاة. بينت الدراسات أن النزاع المسلح يزيد معدلات وفيات الأطفال 24 ضعفا ويصبح جميع الأطفال معرضين للخطر في حالة نشوب النزاع ولكن أصعف الأطفال هم الذين يكونون دون سن الخامسة وهم معرضين لسؤ التغذية بشكل كبير.

 

يقتل العديد من الأطفال جراء أي نزاع مسلح، ولكن ثلاثة أضعافهم يصابون بإصابات خطيرة أو بحالات عجز دائم, وقد بينت إحصائيات منظمة الصحة العالمية أن النزاع المسلح والعنف السياسي هما السببان الرئيسيان في الإصابة والعجز والإعاقات الجسدية التي يعاني منها الأطفال.

 

إن تعرض المنشآت الصحية للهجوم او التسبب بإغلاقها لأي سبب، والذي يشكل خرقا واضحا لإتفاقيات جنيف المبرمة عام 1949، يؤدي إلى أن الأطفال المصابين بسبب النزاع المسلح والأطفال المرضى لا يحصولوا على العلاج والتأهيل بصورة فعالة، إضافة إلى الأثار السلبية الناتجة عن غياب الرعاية الطبية الأولية من مثل التحصين ضد الأمراض وخدمات الأمومة والطفولة الأخرى.

 

يمثل النزاع المسلح خطرا كبيرا على الصحة العامة يستحيل تجاهله, فلو أن مرضا قد تسبب في مثل هذا القدر من الضرر واسع النطاق لكان قد أجتذب الأنتباه العاجل من جانب أخصائيي الصحة العامة فعدد الأطفال الذين يقضي عليهم أي نزاع مسلح ويشوههم يفوق عدد الضحايا من المشاركين في النزاع، مما يشكل أنتهاكا صارخا لحقوق الطفل في البقاء والنماء.

 

الضرر الذي يلحق بأنظمة الغذاء قد يكون أمرا غير مقصود مرافقا لطبيعة النزاع المسلح، ألا أنه في بعض الأحيان كما هو الحال في حصار غزة يكون متعمدا مما يضاعف العواقب السلبية على صحة الطفل وتعريضه للأمراض وتهديد حياته، ويكون هذا الضرر بنظم الغذاء بعرقلة توزيع مواد الإغاثة وقطع سبل الإمدادات وهذا إنتهاك صارخ للقانون الإنساني. إن اكثر الأطفال تعرضا لسؤ التغذية الناتج عن النزاع المسلح، هم الأطفال الصغار وخاصة دون الثالثة من العمر مما يضغف قدرتهم على مقاومة أمراض الطفولة العادية والتي تصبح سبب رئيسيا بالوفاة والتخلف العقلي، كما وأن النزاع المسلح يسبب ضغوط على الأمهات وغيرهن من أفراد الأسرة مما يحجب العناية عن الاطفال ويفاقم الخطر عليهم من مثل عدم القدرة على الرضاعة الطبيعية بسبب معاناة الأمهات من الجوع والإرهاق والصدمة   أو بسبب معانتهن من سؤ التغذية.

 

العواقب الإجتماعية والنفسية الناتجة عن تعرض الاطفال لعنف النزاعات المسلحة تشمل القلق من الإنفصال وتأخر النمو وإضطراب النوم والكوابيس وفقدان الشهية للأكل   والميل إلى العزلة وعدم الرغبة في اللعب ومواجهة صعوبات التعلم لدى الأطفال أصغر سنا. أما الأطفال الأكبر سنا والمراهقين فيتعرضون بالإضافة لما سبق للسلوك العواني وللإكتئاب.

 

فقدان الوالدين والأقرباء أثناء النزاعات المسلحة يسبب تغير مسارات حياة الأطفال تغيرا جذريا ويترك عواقب إجتماعية ونفسية بعيدة المدى على شكل آلام وأحزان لا تزول، كما وأن تعرض الأطفال في سن المراهقة للنزاعات المسلحة تعرقل نماء شخصيتهم ويدمر مستقبلهم فيعانون من إكتئاب شديد ويزيد من إحتمال تعرضهم لمحاولات الإنتحار، أما مشاهدة الأطفال والمراهقين للعنف الذي يتعرض لهم أبائهم أثناء النزاعات المسلحة يقوض ثقتهم بأنفسهم وبالأخرين ويولد إحساس دائما بالخوف.

 

المخاطر التي يتعرض لها التعليم أثناء النزاع المسلح تشكل أكبر النكسات الإنمائية بالنسبة للمجتمعات المنكوبة بالصراع   لأن السنوات التي يضيع فيها التعليم والمهارات المهنية تحتاج إلى سنوات مثلها لتعويضها ويفرض عدم وجودها مزيدا من الضعف الإجتماعي والإقتصادي. أثبتت الدراسات أن الطلاب والمعلمون أثناء النزاعات المسلحة يواجهون صعوبة في التزكيز وخاصة عقب مشاهدتهم للعنف أونتيجة التعرض له أو بسبب أن هناك أحد أفراد أسرهم من هو أسير أو سجين.

 

يجب أن يكون معلوما أن الأطفال لا دور لهم في الحروب وأن على المجتمع الدولي أن يندد بهذا الهجوم عليهم بوصفه أمرا غير مقبول ولا يمكن إحتماله بأي شكل من الأشكال ويجب إستخدام الآليات الدولية التي تقييم وترصد عواقب عنف النزاع المسلح على الأطفال بقياس الضرر الذي يلحق بهم وبنوعية حياتهم وبقياس معدل وفياتهم، وفي جميع الأحوال ينبغي أن تتولى مؤسسات الأمم المتحدة مسؤولية التصدي للموقف والعمل على تحديد الإجراءات الجزائية بحق الدولة المتسببة بمعاناة الأطفال في النزاع المسلح وكذلك يتوقع من هذه المؤسسات الدولية العمل العاجل لحماية الأطفال في وضعهم الحالي والعمل على إعادة تأهيلهم جسديا ونفسيا وإجتماعيا.
 
 
الدكتور هاني جهشان
مستشار الطب الشرعي

عضو هيئة تحرير دراسة الأمين العام للأمم المتحدة المتعلقة بالعنف ضد الأطفال

 








طباعة
  • المشاهدات: 67331
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
04-01-2009 04:00 PM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضا

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم