حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
السبت ,20 أبريل, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 11241

جراح الوطن الكبير

جراح الوطن الكبير

جراح الوطن الكبير

19-03-2018 12:36 PM

تعديل حجم الخط:

بقلم : د. رياض خليف الشديفات
تعلمنا في طفولتنا أن الوطن العربي الكبير يمتد من المحيط إلى الخليج ، وأن بلاد العرب وطن كبير يجمع بين كل أبنائه على اختلاف طوائفهم ومذاهبهم ، وهم أمة واحدة من مشرقهم إلى مغربهم ، ومن شمالهم إلى جنوبهم ، وتعلمنا أن هذه الأوطان على تباعدها يجمعها وحدة اللغة والتاريخ والمصير المشترك ، لكن واقع الحياة يقول غير ذلك ، فجراحات الوطن الكبير لا يتوقف نزيفها ، والألم يعتصر هذه الأوطان ، فهي نهب لكل طامع ، وفرقتها الأهواء ، وعصفت بها ريح الفرقة والخلاف بين الأثنيات البغيضة ، والمذهبية المفرقة ، والجهويات المشتتة ، والطائفيات الممزقة لكيان الأمة ، ولعبت بهم دوائر المستعمر ، وفقر هنا ، وجهل وتخلف هناك ، ومرض هنا وهناك ، وفتن لا تنتهي في كل مكان وجراحات الوطن الكبير لا تندمل ، وآلهاته لا تكاد تتوقف يسمع بها القاصي والداني ، وكأنه لا يوجد في الدنيا ألم إلا في هذا الوطن ، وكأنه لا يوجد في الدنيا مصائب إلا في بلاد العرب ، فضاق هذا الوطن الرحب بأهله حتى غدا أضحوكة لكل متلاعب بمصيره ، فلا قول الشاعر يشفع له إذا يقول :
لعمرك ما ضاقت بلاد بأهلها لكن أخلاق الرجال بما رحبت تضيق
أما جراحات الوطن الصغير في كل قطر فهي لا تكاد تقل خطورة عن جراجات الوطن الكبير ، فتلك من تلك ، وهذا من ذاك والألم في كل ناحية من جسم الوطن، ودعاة الفتنة كُثر ، والمتربصون به يتحينون الفرص للنيل منه وإضعافه ، والأقلام المفرقة تكتب في كل زاوية من زوايا الوطن ، فالفئوية استيقظت من نومها ، والوجه الخاطئ من العشائرية علا صوته ، والطائفية خرجت من مخابئها ، والفتنة أطلت برأسها ، والجهوية فشت ، والمناطقية لها دعاتها ، ولغة التصادم لها عشقاها ومريدوها ، وأصحاب الأجندات استغلوا هذه البيئات لتحقيق مصالحهم ، وصوت العقل خفت في ظل الصراخ والعويل في الفضائيات ووسائل الإعلام ، وقدمت الخلافات على المصالحات ، وقدم المهم على الأهم ، وضعف صوت العقلاء في صخب الضجيج ، فما أكثر الخلافات ! وما أكثر الصراعات بكل صورها ! فكرية ، أيدلوجية ، حزبية ، مناطقية ، جهوية ، طائفية ، عنصرية ، فئوية ، قبلية ، وصراعات جهل وفقر وجوع وحرمان ، وصراعات ناتجة عن الظلم ، وصراعات ناتجة عن غياب العدالة ، وصراعات ناتجة عن غياب الحرية ألخ .......... مما يؤسف له ويدمي القلب .
وإزاء هذه الصورة التي نشاهدها في وطننا الكبير ، وفي وطننا الصغير على اختلاف في هذه الصورة من مكان إلى آخر إلا أنها تشبه الجمر الذي يكاد يكون له تحت الرماد ضرام ، وهذه الجراحات تتطلب عقلاء قوم من كل المستويات السياسية والفكرية والإعلامية ممن يملكوا زمام المبادرة من طراز القادة والعظماء ، فكفى أوطاننا تنظيراً ، وكفي بني أوطاننا سكوتاً على الخرق الذي يتسع يوما فيوما على الراقع ، وكفانا خداعاً للنفس أننا في مأمن من الخطر ، فمن مأمنه يؤتى الحذر ، وسلامة الوطن سلامة للجميع .


لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "فيسبوك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "تيك توك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "يوتيوب" : إضغط هنا






طباعة
  • المشاهدات: 11241
برأيك.. هل طهران قادرة على احتواء رد فعل "تل أبيب" بقصف بنيتها التحتية الاستراتيجية حال توجيه إيران ضربتها المرتقبة؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم