حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
السبت ,3 مايو, 2025 م
طباعة
  • المشاهدات: 11495

جداريات على حيطان القلب

جداريات على حيطان القلب

جداريات على حيطان القلب

17-02-2018 10:58 AM

تعديل حجم الخط:

بقلم : سعيد ذياب سليم
المدينة كائن حي، تتنفس ، تتحرك ، تضجر، تحمل لنا طرقاتها ذكرى، ونحمل لها في القلب ذكريات ، دارت أعيننا في فضاءاتها، توقفت عند مفرداتها ، شاهدنا فيها وسط الفوضى ، بعض جداريات ومنحوتات حجرية موزعة في أرجائها، تختفي كالأسرار في أزقتها، محاولات تكاد تلبي عطشنا الفني.
طرقاتها تحدثنا عبر قناتي السمع و البصر ، نرى فيها لوحات جميلة ، نطالعها كصفحات الكتب، إذا تراءت لنا لوحة جدارية، داعبت أفكارنا، و أخرجتنا من مأزق اللحظة، فهذا طير حمام، ينطلق بين كلمتي المحبة والسلام، يخرجنا من كآبة الواقع إلى سعة الحلم، وذلك قلب يتدلى من غصن شجرة ، يذكرنا بالحب و التسامح، زخارف نباتية، وجوه ، دراويش في وصلة روحية يرقصون و يدور معهم الكون ، كيانات هندسية ، خطوط و ألوان بسيطة، رموز و معان تحرك في القلب المشاعر وتهذب النفس.
لوحات إعلانية تستولي على الصورة، تغري الناظر بالتجربة، وتغزو المخيلة، لتسجل في ثنايا العقل الباطن ، في قائمة المشتريات، مذاق وملمس وسلعة قد لا نكون بحاجتها، إلا أن اللغة الفنية التي استخدمتها اللوحة تعمل فينا عمل السحر.
أحد المعايير التي تقاس بها حضارة الشعوب ابداعاتها الفنية، و تذوقها للجمال وتفاعلها معه ، فقبل أن يلفظ الانسان الأول كلمة "شجرة" رسمها ، وعندما أراد أن يعبّر عن البطولة ، بالغ في رسم حجم الأشخاص و الحيوانات، ثم اكتشف دلالة الألوان ، فالأزرق ارتبط بالسحر والسماء، والأحمر )لون الدم والنار) ارتبط بالحياة والحب والقوة ، ثم تباينت السمات الفنية مع تطور الحضارة الإنسانية .
تطورت ذائقة الانسان الفنية مع الزمن، بدأت مع استخدامه الأصداف كحلي ، و ريش الطيور للزينة، واضعا أقنعة غريبة في الطقوس و الشعائر الدينية ، أمام جداريات .. آشورية و أسود مجنحة، أسرار فرعونية ، تماثيل يونانية، أساطير وآلهة و حروب، زخارف اسلامية ، حكايات لا تنتهي للفن ، بين الانطباعية و الواقعية و السريالية.
فأين نحن من ذلك ؟ وقد اكتمل الوعي الإنساني ، و هل الفن من ضروريات الحياة أم من مكملاتها الزائدة عن الحاجة؟
في مدينتنا مساحات غير مستغلة، جدران خالية ، يمكن أن تستوعب لوحات ، تثير الخيال، أسوة بمدن العالم شرقا و غربا ، التي تمتلك ملامحها الخاصة، مدن الشطآن احتفلت بالبحر، و السفن و النوارس، في جداريات صبغت حيطان المدينة، زوارق و مراس و دلافين، تنتشر في الأزقة و الساحات، و مدن الصحراء تغنت بدلال القهوة و القوافل ورائحة التوابل، جداريات و تماثيل، في الساحات العامة و تقاطعات الطرق.
الجداريات فن الشارع، يجعل من المدينة معرض فني مفتوح للعامة، يثير التساؤلات في أذهان المارة، و يزرع علامات استفهام حول تأثير الحضارة المعاصرة و مشكلاتها... طفل يدير ظهره للعالم و يبحر في بحر من الألوان، فيلة تطير، فراشات و شخصيات خرجت من كتب الأطفال، تطرح مشكلات الانسان المعاصر لتناقش بهدوء.
مدينتنا بحاجة لسواعد الشباب، للفنانين الموهبين ، يزرعوا فيها نُصب الجمال ، يساهمون بأعمالهم الفنية، وينثرون في طرقاتها ألوان الفرح ، يداوون بها الجراح ويرسمون على حيطان القلب لوحاتهم.








طباعة
  • المشاهدات: 11495
برأيك.. هل ينجح "النتن ياهو" في القضاء على قدرات حماس المدنية والعسكرية بشكل كامل عقب رفضه وقف الحرب المتواصلة منذ أكثر من عام؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم