27-12-2015 04:49 PM
بقلم :
إن ظاهرة العولمة قزمت السيادة وحولت معاني الجغرافيا والزمن، ولكن في نفس الوقت أوجدت نقاشات واهتمامات جديدة حول الإنسان وحاجاته وبالنظر لتوسع مجالات التهديدات والمخاطر من الدولة وتطلعاتها للقوة عبر التسلح وحتي الحرب، إلي الدولة بقمعها وتعسفها وكذلك إلي حركيات عجزها التنموي أو الديمقراطي بل أحيانا حتي فشلها إن لم نقًل إنهيارها التي تعتبر مثالا لإختراق أمن الإنسان وتدهوره .
لقد أصبحت الدولة في عصر مابعد الحداثة في عصر العولمة والتقدم التكنولوجي ضحية الثورة التكنولوجية التي جعلت من الأفراد الخارجين علي الولاء والقانون يهددون أمنها بإسم التمرد والعصيان والإرهاب جراء تفشي الفساد الناتج عن عدم توزيع الثروة بشكل عادل ومتساوي بين الافراد ، ناهيك عن جثو بعض من الاشخاص المتنفذين على بعض المناصب ولسنوات طوال ، مثل الوزارات ، ووظائف عليا في الدولة بالاضافة الى سطوة بعض من الذين يشاركون اصحاب الجاه والسلطة في عمليات فساد ممنهجة وغير محدده ، تتمثل في المشاركة القسرية واغتصاب الاستثمارات من باب المضاربة والشراكة الغير قانونية ، بسبب تغلغل بعض من المتنفذين في جسم الدولة وتحقيق بعض المصالح بالشراكة مع بعض المعتلين هرم السلطة في بعض المؤسسات الحكومية المفصلية ، والتي تعتبر القناة التي تمر من خلالها معاملات المستثمرين واصحاب رؤوس الاموال، كما تفاقمت وازدادت ظاهرة التصدع الإجتماعي بحكم الثورة المعلوماتية التي افقدت الدولة قدرتها الرقابية ليس فقط سياسيا أو فكريا بل وحتي أخلاقيا وما ينجم عن ذلك من أزمات إغتراربمرضية تهدد كينونة المجتمع وتجانسه. وهذا التصدع ناتج عن عدم ثقة الافراد بالمؤسسات الاحكومية التي تعتبر مُعرقلة للتقدم المنشود من قبل كثير من الافراد ، الذين يرون في الفساد عائق كبير في عمليات انجاز المعاملات اليومية التي تتعلق بمصير كثير منهم ، فعدم الانجاز الناتج عن الفساد دليل على ان التراجع الذي يعود الى فساد اداري وهيكلي ادى الى تأخير انجاز ما يمكن انجازه ، حيث كان ذلك سببا في تراجع الاستثمارات والاموال التي يمكن ان تكون عاملاً هاماً في احداث نقلة نوعية تجعل الافراد اكثر ثقة بالمؤسسات الحكومية سواء كانوا مستثمرين او من الافراد الذين يبحثون عن فرص حقيقة للعمل ، حتى يتم السعي للقضاء على البطالة ،او تعديل الارقام الناشزة للباحثين عن العمل.
ويشير مفهوم العولمة من المنظور الإقتصادي إلي تحول العالم إلي منظومة من العلاقات الإقتصادية المتشابكة التي تزداد تعقيداً لتحقيق سيادة نظام إقتصادي واحد، يتبادل العالم الإعتماد بعضه علي بعضه الآخر في كل من الخدمات والسلع والمنتجات والأسواق ورؤوس الأموال والعمالة والخبرة حيث لا قيمة لرؤوس الأموال من دون الإستثمارات ولاقيمة للسلع دون أسواق إستهلاك .
فالعولمة ادت الى فساد ناتج عن عدم عرقلة رؤوس الاموال والاستثمارات جراء ما ادخلته من تسارع في السيطرة من قبل الاشخاص على بعض مفاصل الدولة ونهب مقدرات الوطن ، بحجة التطوير او بحجة مبادرات استوردها بعض الفاسدين من اجل نهب خيرات الشعب والعولمة اصبحت حجة لمن لا حجة له من اجل ان يحول الحق الى باطل بمبررات جمة قد تعجب الكثير وقد لا تعجب الاكثر كون العولمة اخذت في طريقها الكثير لتميزها بالسرعة وواستغلال الوقت ، ومن اخذ العولمة وسرعتها حجة للنهب فقد اخذ كل شي ولم يبقي شي ، حتى ان اصبح الفساد في الوطن امر عادي لا يستغربه الا ثُلة مُخلصة تنحت عن مسار العولمة الفاسدة ، من اجل ان يحى الوطن سالماً معافى من الفساد الذي نخر كل شي في ساقه واصبح الداء الذي لا يمكن الشفاء منه بحكم ان الوطن لا بد ان يتماشى مع كل ما هو جديد حتى وان نحل جسده اكثر مما هو عليه الان .