بقلم :
من الواضح جدا أن الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي يمر بها مجتمعنا تزداد صعوبة, يوما بعد يوم , لعوامل كثيرة منها اتساع الفجوة بين الأغنياء و الفقراء ,وزيادة البطالة وإلى عدم تكافؤ الفرص بين الجميع, و انتشار ثقافة الاستهلاك و ظواهر الفساد الأخلاقي والاجتماعي والإداري والاقتصادي, مثل الرشوة والوصولية والانتهازية والشللية , والواسطة والمحسوبية,و محاولات الإثراء بسرعة , بطرق غير مشروعه مثل الغش والخداع وظهور المافيات والفساد المالي والاختلاسات, نتيجة سيرنا في قطار العولمه واقتصاد السوق وما رافقه من خصخصة ,وربما بسبب سوء التخطيط واعتماد سياسة الفزعة في حل المشاكل الداخلية , وربما بسبب الظروف السياسية الصعبة التي عشناها و المحيطة بنا وما ينتج عنها من إحباط ويأس وقلق,بعد فقدان الأمل بآيه حلول سياسية لمشاكل المنطقة على المدى المنظور , وبروز ظواهر الطائفية و المناطقية والجهوية والعشائرية والإقليمية فيها, بحيث لا نستطيع إنكار أثارها وانعكاساتها الاجتماعية والأخلاقية علينا.... . ولهذه الأسباب مجتمعه, يبدأ الناس بفقدان ثقتهم بحكومتهم وولايتها العامة عليهم , ويقل اقتناعهم بها ,بسبب وعودها الكثيرة التي لا تتحقق , وبسبب تراجع دورها الأبوي والإنتاجي و الخدماتي والاجتماعي , وملاحظة زيادة امتلاك أبناء الطبقات الغنية المسيطرة على المال والاقتصاد , للسلطة السياسية والإدارية في الدولة ,بل وحتى يحكموا سطوتهم وسيطرتهم,للمحافظة على مصالحهم , بد أو يعمدون الوصول إلى البرلمان , لتصبح كل السلطات تحت تصرفهم , وبذلك يضمنون تحكمهم بالا غلبيه الفقيرة من الناس , الذين ربما يخشون من أن حصولها على حقوقها, قد يعرض مصالحهم للخطر, مستعملين كل الوسائل الممكنة لتحقيق ذلك فالغاية تبرر الوسيلة ,فيقومون باستغلال حاجه الناس المادية, وشعورهم بالإحباط والملل, وعدم اقتناع بعضهم بجدوى إجراء الانتخابات ونزاهتها ونتائجها , فظهرت تجارة الأصوات الانتخابية وشراء والذمم , كنشاط سياسي يمارس علنا............ أليس في هذا ضرب لأهم مقومات اللعبة الديموقراطية التي تعتبر المشاركة الشعبية الحقيقية فيها ,هي الأساس, و هي المقياس لمدي التزام المجتمع بها ,ومؤشرا على شرعيه الحكومة ودليل على إسهام المواطنين في توجيه سياسة الدولة والرضا عن الأسس التي يرتكز عليها أسلوب الحكم في احترام رأي المواطنين .......... لقد لاحظنا في الآونة الأخيرة ازدياد وجود ظاهرة الفتوات والزعران والبلطجيه في المدن والقرى وفي الأحياء والحواري ( كانوا يسمون فيما مضي العيارين والزعر والشطار... وفي البوادي بالصعاليك ) ,نتيجة لازدياد حالات الفقر والبطالة , يعيثون فسادا في الأرض , بأشكال مختلفة, هم ظاهرة اجتماعيه و أمنيه خطيرة , وهم قادة العالم السفلي في أي مجتمع وهم أدوات حقيقية للجريمة والرذيلة والانحراف, وهم في سبيل إثبات ذاتهم ورفضهم لحالة النبذ والإقصاء والاحتقار المفروضة عليهم من المجتمع,يقومون بفرض سطوتهم على الناس (الخاوه) وأخذ (الإتاوات) منهم,وافتعال المشاكل , ومشاركتهم في تظاهرات واستعراضات واعتداءات تغذي التفرقة المناطقيه والجهويه والعشائرية والإقليمية, و الأدهى من ذلك هو أن بعض المرشحين للمجالس النيابية استخدموا بعض من هؤلاء في المشاركة معهم في حملاتهم الانتخابية بتعليق اللافتات وتمزيق لافتات منافسيهم آو الاعتداء عليهم , و التخويف ونشر الرعب خلال الانتخابات , وممارسة بيع الأصوات الانتخابية أو شرائها, في تزوير متعمد لإرادة الناخبين , وإثارة أعمال الشغب بعد الانتخابات....... هؤلاء, يعتبرون بيئة خصبه لنمو التيارات والأفكار الإجرامية والإرهابية وطابور خامس يستغل من أي طرف يدفع لهم, ضد الوطن والشعب , وخاصة إذا ما ارتخت قبضه الدولة لسبب آو لآخر وكما حصل بالعراق بعد الاحتلال , فقد اصبح هؤلاء عبارة عن ميليشيات عسكرية , مذهبيه وعقائدية ,تخدم سياسيين طامعين بالسلطة والنفوذ , وبعضهم اصبحوا حتى عملاء وخونه في خدمة المحتل و جهات خارجية , بسبب المال ,و قد يلجأ الناس لهؤلاء طلبا للحماية , ويقدمون لهم الدعم المادي والمعنوي, قد يضطرون لان يشكلوا سياجا واقيا لهم , فتتكون لهم دولتهم الخاصة بهم داخل الدولة ,تكون لها زعاماتها وقادتها ......... وكما قلنا وبسبب سوء الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والسياسية الذي ينتج عنه الإحساس بالذل والفقر والجوع والحاجة والبطالة التي تصبح عاملا مشتركا بين الناس, الذين تتكون لديهم مشاعر مشتركة حول معاني الكرامة والعدل والمساواة, يتكاثر هؤلاء ويزدادوا عددا فيصبح هؤلاء أدوات فاعله ووقودا لآي تمرد آو ثورة قد تحدث فيعتبرهم الناس أبطالهم الأسطوريين الذين يحققون حلم الانتصار على السادة وإذلالهم , مثال ( عروة بن الورد أمير الصعاليك الذي كان يأخذ من الأغنياء ويعطي الفقراء )........ لذلك على الدولة أن تعرف أنة إذا أصبحت الأوضاع تزداد سوأ وقسوة , وخاصة عندما يصير التفكير والشكوى والتذمر ملحوظا وعلنيا وواضحا وبصوت عال ويسود الهرج والمرج,ويزداد تقبل الإشاعات وترويجها , وتعود الناس للعصبية القبلية و العشائرية بسلبياتها وليس إيجابياتها , وتزداد ظواهر الغضب و النرفزه والتوتر والعنف والهياج العام , وترتفع معدلات الجريمة بكافة أنواعها . .......... يصبح واجبا على الدولة أن تبادر إلى وضع الحلول العملية الواقعية والحقيقية المناسبة والسريعة , ولكن ليس باستخدام الأساليب القمعية والبوليسية و الرقابة والسيطرة وتكميم الأفواه, الذي يؤدي ربما إلى الإذعان الإكراهي الذي لا يعبر حقيقة عن استسلام حقيقي آو اقتناع فعلي ,بل يخفي مشاعر الناس الحقيقية , نتيجة الخوف من العقاب والرقابة , فقد يكون هناك بركان خامد , قد ينفجر في أي لحظه , نتيجة العوز والجوع الذي يوحد الناس , و كلما زاد القمع وتعددت ضروب المهانة والذل والإحباط ,كلما كان التقدم سريعا نحو المواجهة العلنية , فثورات( العامة ) وتمردهم , والذين يسميهم السياسيين ( الرعاع , الدهماء, الغوغاء ) تحدث فجأة وعلى غفلة , و لا يمكن التبوء بردود أفعالهم , التي تتسم بعدم التنظيم و العنف والهمجية, ,لذا وجب الحذر والتحوط لكي لاتصل الأمور إلى هذا الحد الخطير . ......... إن بروز ظاهرة الفتوات في المجتمع تشير إلى تحولات اجتماعيه غريبة وخطيرة , و تشكل عودة إلى الوراء , داخل المجتمع فالحديث عنها وعن تطورها وتنوعها وتعقيداتها وتعدد أسبابها ومسبباتها وظروفها , يصبح ضرورة وطنيه واجتماعيه و أمنيه ملحه لابد منها, في محاولة جادة ,لإيجاد الحلول المناسبة لها ,لذا يجب وضع سياسات إصلاحية حقيقية تشمل كافه مناحي الحياة في الدولة , ومحاربة الفساد بكافه أشكاله وألوانه وتجفيف منابعه , و تعزيز قيم والولاء والانتماء وحب الوطن و التضحية والفداء في سبيله ،و خلق وإيجاد تربية وطنية فاعله تعزز القيم الروحية الدينية والأخلاقية الاجتماعية يكون التركيز فيها على هويتنا الدينية وسماتها الإيمانية و هويتنا العربية الحضارية والثقافية وقيمنا الأدبية والاجتماعية والأخلاقية, عند المواطنين, عن طريق التعليم ومؤسسات المجتمع والإعلام والمساجد, بحيث ينعكس ذلك على سلوكهم وتصرفاتهم, قلا بد إذن من استحداث التشريعات وسن القوانين والنظم الرادعة الكفيلة بتصويب المسيرة , ووضع الخطط والحلول الإصلاحية الحقيقية الجادة الضرورية التي تكفل ذلك ....... والمفروض أن نوابنا المحترمين , الذين تنازل لهم الناس عن إرادتهم السياسية لينوبوا عنهم, أن يعبروا عن آراء الناخبين ويدافعون عن مصالحهم , ويمارسون دورهم الرقابي والتشريعي ويتخذون القرارات التي تحقق المصلحة العامة وترعى خير المجتمع , ويسهمون في البحث عن الحلول العملية لمشكلات المجتمع مثل البطالة والإسكان والفقر والتعليم والسياسة الخارجية وحقوق الإنسان وتساوي الفرص , وان يدعموا الحريات وليس المطالبة بقمعها , مثل حرية الصحافة , وخاصة الصحافة الإلكترونية ... صحافه المستقبل بلا منازع........ طلب عبد الجليل الجالودي