30-06-2008 04:00 PM
لأننا مثله أبناء قرى فأننا نعي قداسة ( إبريق الوضو ) ، وندرك أهمية ( الزرّيعة ) بكل تنكة وضرورة وجود ( النعنع ) حول الدار ولأننا نعلم بالفطرة فوائد الشاي بميرمية ومتعة التعليلة على البرندة وضرورة مشاهدة أخبار الثامنة على عمان و نعرف دواعي الاحتفاظ بكريك وطرية ومنشاره تحسباً لأي طارئ ولأننا ندرك أهمية المزراب في المربعنيّة ونعي مبررات شراء الخضرة من بكم متجول ووجود ( قلن الكاز ) في بيت الدرج ولأننا نحب الربيع من أجل الخبيزة.. من أجل ذلك نقرأ ونفهم ونستمتع بما يكتب أحمد حسن الزعبي في زاوية ( سواليف ) الواقعة في ملحق أبواب بجريدة الرأي اليومية.. هذه الزاوية التي يقرأها يومياً عدد كبير من الناس الذين لا يربطهم به سوى الشراكة غير المعلنة في القدرة على تذوق طعم الألم والبؤس والفقر والإحساس الإنساني والوطني الذي أصبح عملة نادرة في زمن تشابكت فيه المفاهيم وتعرضت فيه المبادئ لعملية ( لغوّصه ) غير مفهومة...
هو ذلك الكاتب الذي كتب مقالات ستخلد في ذاكرتنا طويلاً عن أبو يحيى الختيار الموجود في كل قرية أردنية ،وعن تلك المرأة الفلسطينية التي قصتها تدمي القلوب ، وعن العراق وأحمد العربي،وعن الأم بأسلوب يستحضر دموع القارئ ، وهو الذي تحدّث عن الأطفال المشردين بمقالة مرّة هزت كل من قرأها وهو الذي تكلم عن الفقراء قبل أن يلتفت لأماكنهم وعشائرهم وطوائفهم ..
يكتب بأسلوب يمتاز بالبساطة وإيصال الفكرة بأقل التكاليف والسخرية من واقع نحتاج أن نسخر منه كلما تيسر لنا ذلك كي لا نموت قهراً أو نتعرض لجلطة لم تكن بالحسبان ، ويحاول أن يقترب منا كثيراً ويلامس جراحنا ويدغدغنا كي نجهش بالضحك أو كي نقهقه من البكاء ويسخر بسواليفه البسيطة من التفاصيل ويغوص إلى أعماقنا بكل سلاسة وينساب إلى قلوبنا بشكل عفوي.. تلك السواليف المستوحاة من وحي القرية الأردنية وأحاديثها مقتبسة من نميمة قروية كانت ولا زالت خبز الناس اليومي..
أحمد حسن الزعبي يتكلم فقط بما ينبض ويشعر به الناس ويتألم لما آلت إليه ظروف الناس الغلابى بعد مسلسل رفع الأسعار الفانتازي المدبلج .. ويعبّر عن حزننا للنار الموقدة في فلسطين والعراق وهو محامي متمرس في الدفاع عن الفقراء في كل مواقع نضالاتهم في البادية والريف والمخيم والمدينة..
كاتب لا يشطح كثيراً ولم يتبرع بالدفاع عن سياسات خاطئة ولم يبرر رفع الأسعار بنظريات اقتصادية هشة ولم يشرعن احتلال دولة عربية ولم يحوّل الشهيد إلى قتيل والمقاوم إلى إرهابي ولم يحرض على الاستسلام ولا يجيد مهارة تحويل العوج إلى صحيح.. يكتب بمسؤولية ويسخر كلما استدعى الأمر ويتحدث بضمير الإنسان قبل كل شيء ويعبّر عن حال المواطن المثقل بالهزائم الباحث عن نقطة توازن ليتشبث بها.
الزعبي نموذج للكاتب الملتزم البعيد عن حسابات هز الذنب وتمجيد المسؤولين بمناسبة وبدون مناسبة الرافض للاستعراض الشخصي والذي لم يسمح لقلمه أن يصبح سائل غسيل ومبيض لصورة بعض الشخصيات المهمة أو أن يميل حيث الرياح تميل..
يستحق أحمد حسن الزعبي كل التحية والتقدير وأتمنى له مزيد من التوفيق والنجاح وأن يظل صوت الفقراء والمقهورين...
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
30-06-2008 04:00 PM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |