14-07-2009 04:00 PM
يهرب المواطن الأردني الفقير من عناء الشتاء ومطره واتساخ ملابسه ورعب أسعار المحروقات متمتعا ليوم أو أكثر في عطلة الثلج ، ليواجه موجة حارة من العناء عبر الصيف الذي يبدوا أن لن يعود معتدلا على رأي قارئ نشرة الأخبار الجوية ، ويبدوا إن كنت قادرا على تلافي البرد بشراء معطف شتائي من سوق البالية ، فأن مواجهة الصيف صعبة ومستحيلة بحق ،فلا يمكن مثلا أن يحمل معه المواطن مروحة قش مثلما يفعل إخواننا الصينيين فيمثل هذا الحر سيما في حافلات النقل العام غير المكيفة.
الحر يقصف شعب الأردن بلا رحمة ولا هوادة، وثمة فئة قليلة هربت منه إلى ملاجئ الكونديشن وعلى خط الجبهة مع إطلاق أشعة الشمس الحارقة ركبوا السيارات المحمية بالزجاج المظلل و مدفع هواء بارد ذو تبريد عالي ، وعلى يمينهم كانت زجاجات العصير والماء المبرد المفلتر الخالية من جراثيم مياه البلدية، ليتقي حمام غرفة الطوارئ إذا ما هاجمه الإسهال ، ومنهم من توجه إلى المسابح مرتديا الشورتات والفانلات.
أما طبقتنا من العمال و الطفرانين الذين يرتبطون مع أشعة الشمس بعلاقة وثيقة فان علينا التمتع بالحر طوال النهار ، حتى مكافحة العطش عبر الماء البارد أصبحت كارثة ، فلم يعد بأمكانك ان تتوقف أمام مطعم لتطلب بابتسامة خفيفة كوب من الماء ، فكل المحلات تبيع الماء او لنقول كاس الماء ، وقد لاحظت أن العصير لا يختلف سعرا عن زجاجة ماء الصحة، حتى " زير الماء " لم يعد يتواجد في الشوارع فقد يبدوا أن فاعلي الخير تخلوا عن فكرة وضع زير ماء أو ثلاجة مكتوب عليها ( اشرب عن روح المرحوم) فما عليك سوى أن تشتري وتشرب وتوفر الدعاء لعامة المسلمين .
لمستعدين ماديا و بنائيا لا يؤثر عليهم الحر كثيرا ، لذا كثيرا ما تسمع من ابناء تلاع العلي وعبدون جملة ( ما أحلى الصيف ) بصراحة أتمنى أن أرى عمانيا غربيا يسمح العرق عن جبيه بينما في الزرقاء تجد سيول تنهار من جباهنا في الشارع وبصراحة لا أعرف هل السبب في الكونديشن المتنقل ما بين البيت والسيارة أم في مزيل العرق، وبعيدا عن التغزل بمنتوجات "جيلت" وقدرتها في مكافحة العرق ، فإن المساكين العاملين تحت أشعة الشمس الحارة والتي لا تحمي جباههم منها سوى طاقية ذات حفة ، وشفاه تتقرح من العطش تحتاج لعلبة فازلين كي تطريها،فأن المواجهة ليلا ونهارا ليست مع أشعة الشمس فقط بل مع الغرف التي تتحول إلى "ساونا مجانا" فالبيوت الضيقة والملتصقة والتي لا تستفيد من نوافذها لأنها تتقابل مع نوافذ البيوت المتقابلة أو المسقوفة بطبقة من حديد الزينكو فمن المؤكد أنهم عاشوا أيام وكأنهم في المايكرويف تخيلوا ناس تحت الكونديشن وناس داخل المايكرويف وكأنهم معجنات .
والآن بعد انتهاء أيام الحرب الباردة مع المناخ المعتدل للدول المحيطة بالبحر الأبيض المتوسط ، وبعد أن جاءتنا الهدية الجديدة من دول الاستعمار وهي الاحتباس الحراري ، كيف سنواجه الهجوم للكاسح للحر والذي لم يعد جبهة هوائية حارة "وحتعدي " فالمراوح أصبحت طراز قديم بل محرك للهواء الحار ، وحافلات التنقل لا تصلح للركوب لا للتكيف مع أنها مفيدة لمن حلم يوما بالجلوس داخل غرفة ساونا ومجانا .صدقوني أني اشعر أن ملابسنا تغسل على بخار أجسامنا في حافلات الزرقاء .
الثلوج تهزمنا ، زيارة مسؤول تهزمنا ، جرثومة تتسرب لماسورة تهزمنا، ومع ذلك فالمواطن موافق وليس لديه أي اعتراض ، ولكنه يريد طريقة ما لتأقلم مع المحتل الدائم وهو الطفر ، خاصة بعد أن تخلت عنه الحكومة .
عذرا لمواطن أنهك حتى أنه يقلب إذا ما صدمه إصبع .
وليغني المواطن الاردني دوما مثلما غنت فيروز يوما مع بعض التحريف (بأيام الصيف وأيام الشتا أكلنا هوا) .........
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
14-07-2009 04:00 PM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |