حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الأربعاء ,31 ديسمبر, 2025 م
طباعة
  • المشاهدات: 5098

ابو سنينة تكتب: عامٌ ثقيل بالأسئلة… حين تختبر السياسة معنى الإنسان

ابو سنينة تكتب: عامٌ ثقيل بالأسئلة… حين تختبر السياسة معنى الإنسان

ابو سنينة تكتب: عامٌ ثقيل بالأسئلة… حين تختبر السياسة معنى الإنسان

31-12-2025 03:56 PM

تعديل حجم الخط:

بقلم : لانا أبو سنينة
لم يكن العام المنصرم تفصيلًا عابرًا في السياقين السياسي والإنساني، بل شكّل لحظة كاشفة لتراجع القيم أمام حسابات المصالح. في غزّة، استمرت الحرب والحصار، فيما اكتفى العالم بالمراقبة من مسافة باردة. ومع تكرار مشاهد القتل والدمار، لم تتراجع القسوة بقدر ما تآكلت القدرة العالمية على الاكتراث. خلال هذا العام، لم تُنتهك حقوق الإنسان فحسب، بل تراجع موقعها من قيمة كونية جامعة إلى خطاب انتقائي يُستدعى حين يخدم المصالح ويُهمَل حين تصبح كلفته عالية.

في ذروة هذا المشهد، جاء خبر استشهاد أبو عبيدة في توقيت بالغ الصعوبة. لم يكن الخبر حدثًا منفصلًا، بل لحظة رمزية كثيفة أعادت طرح الأسئلة حول المعنى والكرامة وحدود الصمت الدولي. أعاد ذلك إلى الواجهة عبارته السابقة: «نحن لا نحب الموت، لكننا نحب الكرامة أكثر»، لتتجاوز كونها خطابًا سياسيًا، وتتحول إلى اختبار أخلاقي مفتوح للعالم، يتجاوز الجغرافيا والانقسامات التقليدية.

وفي السودان، استمر النزيف بلا ضجيج دولي يوازي حجم الكارثة. حرب داخلية، نزوح واسع، وانهيار إنساني متسارع، فيما تحولت مدن مثل الفاشر إلى عناوين متكررة لفشل النظام الدولي في حماية المدنيين، أو حتى في الحفاظ على الحد الأدنى من الاهتمام بالأزمات التي لا تقع ضمن أولويات السياسة العالمية.

في مقابل هذا الثقل السياسي، برزت محطات وطنية أعادت الاعتبار للبعد الجمعي. المنتخب الوطني الأردني شكّل مساحة جامعة، التقى فيها الناس على شعور واحد، بعيدًا عن الاستقطاب. لم تكن تلك اللحظات ترفًا عاطفيًا، بل حاجة مجتمعية حقيقية، أعادت التذكير بأن الانتماء المشترك يمكن أن يكون عنصر تماسك في أزمنة القلق العام، ومساحة مؤقتة للتنفّس وسط الأخبار الثقيلة.

2025 حمل دلالات ميدانية واضحة. التنقل بين المحافظات الأردنية 12 أتاح الاطلاع المباشر على واقع الشباب والشابات، بعيدًا عن اللغة الرسمية. برزت فجوة ملموسة بين السياسات المعلنة والواقع المعيش، حيث تتعثر مشاريع التنمية أمام تحديات البطالة، وتفاوت الفرص، وضعف المشاركة الفعلية. في المقابل، ظهر وعي شبابي متقدم بطبيعة هذه التحديات، ورغبة واضحة في دور يتجاوز الاستفادة إلى الشراكة الحقيقية وصناعة القرار.

على المستوى الاجتماعي، كان العام كاشفًا لطبيعة العلاقات الإنسانية. صمدت صداقات في وجه الضغط والمسافة والاختلاف، فيما تراجعت أخرى عند أول اختبار حقيقي. وفي هذا السياق، برزت تجارب إنسانية قاسية، من بينها المرض، أعادت التذكير بأن التضامن لا يُقاس بالشعارات أو القرب الظاهري، بل بالقدرة على البقاء والدعم في لحظات القلق والانتظار.

وسط هذه التحولات، بقيت العائلة عنصر الاستقرار الأوضح، ومصدر التوازن في عام اتسم بتعدد الخسارات والضغوط. حضورها الهادئ شكّل عامل أمان في مقابل عالم سريع التغير، وأكثر قسوة في أحكامه.

ينتهي العام دون أوهام كبرى. لا بوصفه عامًا للهزيمة ولا للنجاة، بل عامًا للفهم والمراجعة. عالم أكثر صراحة في تناقضاته، وسياسة أكثر برودة في حساباتها، لكن في المقابل، ما يزال هناك ما يستحق التمسك به: وعي يتشكل، تضامن اجتماعي قابل للبناء، ومساحة إنسانية لم تُغلق بالكامل بعد.

ويبقى السؤال مفتوحًا، لا بوصفه خاتمة، بل مدخلًا لنقاش أوسع:
كيف يمكن الحفاظ على المعنى الإنساني في عالم تتقدم فيه المصالح على القيم؟











طباعة
  • المشاهدات: 5098
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
31-12-2025 03:56 PM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
برأيك، هل تنجح إدارة ترامب وحكومة الشرع في القضاء على "داعش" بسوريا؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم