29-12-2025 08:32 AM
بقلم : الصيدلي عدوان قشمر نوفل
من فشل 7 تشرين الأول إلى عسكرة الداخل: قراءة ما بين السطور في العقيدة الإسرائيلية الجديدة
لم يكن السؤال الحقيقي الذي طرحه الإسرائيليون بعد 7 تشرين الأول: كيف اخترقت الحدود؟
بل السؤال الأعمق والأخطر: أين كانت القوة التي بنيت عليها عقيدة الردع الإسرائيلية طوال عقود: سلاح الجو؟
الإجابة التي تقدّمها اليوم الصحافة والمؤسسة العسكرية الإسرائيلية لا تأتي في صيغة اعتراف مباشر بالفشل، بل عبر مسار التفافٍ ذكي: إعادة صياغة العقيدة القتالية، وتوسيع دور سلاح الجو ليشمل ما لم يكن واردا سابقا… الداخل الإسرائيلي نفسه.
أولا: إعادة تعريف المهمة… اعتراف غير معلن بالفشل
ما تكشفه تقارير الصحافة العبرية، وفي مقدمتها واللا ويديعوت أحرونوت، ليس مجرد تعديلات تنظيمية، بل تحوّل استراتيجي عميق في بنية التفكير العسكري الإسرائيلي.
للمرة الأولى:
يُمنح سلاح الجو مهمة “حماية الحدود” رسميا
تُرفع الجهوزية بمئات النسب المئوية
تُنشأ مراكز نيران مشتركة بين الجو والبر
ويُعاد تعريف العلاقة بين القوات الجوية والقوات البرية
وما لا يقال صراحة، أن إسرائيل لم تعد تثق بمنظوماتها الدفاعية ولا بقدرة قواتها البرية وحدها على الصمود في الساعات الأولى لأي هجوم مفاجئ.
ثانيًا: الفشل لم يكن في الطائرات… بل في القرار
تحاول المؤسسة العسكرية الإسرائيلية تصوير ما جرى في 7 تشرين الأول على أنه:
نقص تنسيق
فجوات استخبارية
خلل في بناء صورة الوضع
لكن القراءة التحليلية تُظهر أن جوهر المشكلة كان:
> شلل القرار في “الساعة الذهبية” الأولى
ولهذا نرى اليوم:
صلاحيات موسّعة للطيارين بتنفيذ الضربات دون انتظار أوامر أرضية
منح قادة الألوية حق تفعيل أوامر جوية شاملة
تجهيز الطائرات بقوائم أهداف جاهزة سلفًا
هذه الإجراءات تعكس انتقالًا واضحًا من مركزية القرار إلى ما يمكن تسميته عسكرة الفوضى المحتملة.
ثالثًا: الداخل الإسرائيلي… من مساحة أمان إلى ساحة قتال
أخطر ما ورد في التقارير العبرية هو الإقرار الصريح بأن:
القصف الجوي قد يُنفذ داخل المستوطنات
أهداف محددة وُضعت مسبقًا داخل البلدات الإسرائيلية
القصف يُفترض أن يتم بينما المدنيون في “الغرف المحصنة”
هذا يعكس تحوّلًا نفسيا وسياسيًا خطيرًا:
> الجبهة الداخلية لم تعد مساحة محمية، بل ساحة عمليات تُدار بالنار
الدولة التي قامت على وعد “الأمن المطلق للمواطن”، تستعد اليوم لقصف مناطقها كخيار دفاعي مشروع.
رابعًا: “المدني أولًا”… خطاب إنساني أم خوف وجودي؟
تضع التعليمات الجديدة ترتيبًا واضحًا للأولويات:
1. حماية المدنيين
2. ثم مراكز القيادة
3. ثم القواعد العسكرية
4. ثم السياج الحدودي
هذا الترتيب لا يعكس صحوة أخلاقية، بل إدراكا عميقًا بأن انهيار الجبهة الداخلية يعني انهيار الدولة نفسها، وأن صدمة 7 تشرين الأول كانت بالأساس صدمة مجتمعية قبل أن تكون عسكرية.
خامسًا: الطائرات المسيّرة… استعداد لحرب طويلة
التوسع الكبير في استخدام المسيّرات وتأهيل آلاف المشغلين لا يعكس تطورا تقنيًا فحسب، بل:
استعدادا لحرب متعددة الجبهات
قناعة بأن المواجهات القادمة لن تكون خاطفة
إدراكا بأن إسرائيل مقبلة على استنزاف طويل
أي أن إسرائيل تعيد بناء نفسها كدولة تعيش في حالة طوارئ دائمة.
الخلاصة: ماذا تقول إسرائيل… وماذا تخفي؟
ما بين السطور، تكشف هذه التحولات أن إسرائيل تخشى:
تكرار سيناريو الاختراق المفاجئ
فقدان السيطرة في الساعات الأولى
انهيار ثقة المجتمع بالمؤسسة العسكرية
تحول المستوطنات من “درع أمني” إلى عبء استراتيجي
ولهذا:
تُسرع القرار
توسع صلاحيات القتل
تُدخل سلاح الجو إلى كل زاوية
وتُحول الداخل إلى جبهة
لكن السؤال الذي لا تجيب عنه الصحافة الإسرائيلية يبقى مفتوحا:
> هل عسكرة الداخل تعني استعادة الردع… أم اعترافا ضمنيا بالعجز عن حمايته؟
| 1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
29-12-2025 08:32 AM
سرايا |
| لا يوجد تعليقات | ||