28-12-2025 12:05 PM
بقلم : أ.د. عبدالفتاح العبداللات
تطور العمل المصرفي بدرجات متسارعة مع التوجه نحو الخدمات المصرفية الالكترونية والدفع الالكتروني، والحصول على العديد من الخدمات المالية عبر الهاتف ، وقد مر العمل المصرفي بمراحل عديدة . في عام 2000 قبل الميلاد كانت المعابد المقدسة التي تتمتع بحراسة مشددة تعمل عمل البنوك حيث يتم الاحتفاظ بالاموال والكنوز لديهم ويتم دعمهم من قبل الحكام والملوك ، وكان معبد ساتورن القديم في روما يضم خزانات الدولة وكان يتم سك النقود في المعبد .
وقد صدرت اولى الاوراق النقدية الاوروبية في السويد عام 1661 على يد يوهان بالمسروخ وهو مؤسس أول بنك في السويد ( بنك ستوكهولوم ) ، وفي عام 1933 ادى اصدار قانون المصارف في الولايات المتحدة الى انشاء المؤسسة الفيدرالية ، لتأمين الودائع في احال افلاس اي بنك ، اما في عام 1958 فقد أطلقت اميركان اكسبرس بطاقتها الائتمانية ، وفي نفس العام طرح بنك أوف امريكا بطاقة فيزا حيث اتاحت تلك البطاقات الوصول الفوري للاموال ، وحفز ذلك الانفاق الاستهلاكي ، وساهم في زيادة النمو الاقتصادي ، اما في عام 1967 فقد تأسس اول صراف آلي في بنك باركليز في المملكة المتحدة بالتالي كانت اجهزة الصراف الالي بداية الخدمات المصرفية الذاتية ومهدت للابتكارات الرقمية المستقبلية ، وثقافة الخدمات المصرفية المتاحة على مدار الاسبوع واليوم (7/24) ، وفي عام 1974 تم في الولايات المتحدة اصدار اول بطاقة ذكية ( بطاقة بلاستيكية مزودة بشريحة الكترونية دقيقة قادرة على تخزين البيانات ومعالجتها بشكل آمن ).
وفي ثمانيات القرن الماضي بدأت الخدمات المصرفية عبر الإنترنت لكن توسعت في التسعينات مع ازدياد انتشار الانترنت ، مما سهل الوصول للحسابات ودفع الفواتير وتحويل الاموال وهذا زاد من الخدمات المصرفية الرقمية ،ومع تزايد عمليات الاحتيال وتطورها ادركت البنوك الحاجة الى حلول أكثر تطورا لحماية أصول عملائها والحفاظ على ثقتهم في بيئة الخدمات المصرفية الرقمية .
وقد كشفت الازمة المالية العالمية لعام 2008 عن اوجه القصور في النظام المالي والحاجة الى شركات التكنولوجيا المالية وهي شركات تقدم حلولا رقمية متطورة تركز على العملاء لمعالجة مشاكل مصرفية واقعية ، حيث قدمت خدمات مالية مبتكرة مثل: المحافظ الرقمية ، والاقراض ، وتطبيقات ادارة الميزانية ، مما احدث ثورة في تاريخ العمل المصرفي من خلال توظيف التكنولوجيا لتوفير طرق أسرع وأكثر كفاءة وسهولة في الاستخدام لإدارة الشؤون المالية .
وفي عام 2009 ابتكرت عملة البيتكوين (ساتوشي ناكاموتو) في استجابة لانعدام الثقة في المؤسسات المالية التقليدية ، والحاجة الى نظام مالي أكثر شفافية ولا مركزية ، حيث تقدم لعشاق العملات الرقمية بديلا آمنا وفعالا ومقاومة للرقابة مقارنة بالعملات الرقمية .
وفي عام 2016 اصبحت السويد أول دولة تصدر بجدية عملة رقمية ( الكرونة الالكترونية ) وهي مدعومة من البنك المركزي استعداد لمستقبل خال من النقد المادي ، اما السلفادور فكانت اول دولة تعتمد البيتكوين كعملة قانونية ، وساهم ذلك في تعزيز الشمول المالي ، ودعم خلق فرص العمل وتسهيل التحويلات المالية .
وفي عام 2018 شهد انطلاق الخدمات المصرفية المفتوحة مع تزايد استخدام الهواتف الذكية ( الزم الاتحاد الاوروبي البنوك بالسماح لمزودي الخدمة بالوصول لبيانات عملائهم ويسمى هذا التشريع
PSD2
مما عزز نمو الخدمات المصرفية المفتوحة ، وجاءت جائحة كوفيد -19 في عام 2020 لتسرع التوجه نحو الخدمات المصرفية الرقمية وخصوصا للفئات غير المتعاملة مع البنوك ، مما اضطر البنوك لزيادة استثماراتها في التكنولوجيا للحاق بالركب ،وشهد عام 2024 عودة الخدمات المصرفية داخل الفروع بقوة مع انتشار نموذج القنوات المتعددة .
إن العالم يعيش حاليا ثورة تكنولوجية سريعة ، حيث اصبحنا نتحدث عن التحول الرقمي ، والعملات الرقمية والتي هي عملات افتراضية تعتمد على تقنية Block chain ، وهي تهدف الى انجاز المعاملات المباشرة ( أشخاص او مؤسسات ) دون وسطاء ، ومن أبرز العملات الرقمية من حيث القيمة السوقية :
Bitcoin ,Ethreeum ,BNB ,USDT
وهذه العملات لا تصدر عن سلطة مركزية ( البنك المركزي) ، بالتالي هي محمية عن التدخل الحكومي ،ولا تحتاج الى طرف ثالث لتمرير الاموال مثل: البنوك والمؤسسات المالية ، وتعتبر نوع من المال الالكتروني ، بالتالي بدلا من الاوراق النقدية في المحفظة يتم تخزين العملات الرقمية بشكل كامل على الانترنت ، وهذا سوف يساعد مستقبلا في تغيير قواعد اللعبة المالية العالمية ، وهذا يمنع الحاجة الى البنوك المركزية فالتحويل يتم عبر الانترنت بطريقة سريعة وأقل كلفة .
وفي بداية عام 2024 سمحت "لجنة الاوراق المالية والبورصات الأمريكية " رسميا بتداول عملة بيتكوين في صناديق الاستثمار المتداولة ، وتم ادراج احد عشر صندوقا استثماريا في البورصة ، مما يفتح مجال واسعا للاستثمار في العملات الرقمية ، وقد قام الرئيس ترامب في الولاية الثانية بتعين محاميا يسمى "بول أتكينز " الذي يرتبط بصلات قوية بقطاع العملات رئيسا لهيئة الاوراق المالية والبورصات الامريكية "إس إي سي " ، وقام ترامب باصدار عملة مشفرة خاصة به تسمى " ورلد فايننشال ليبرتي ".
والعملات الرقمية محمية بالتشفير ، لكن تتعرض لمخاطر اخرى مع التوسع في تقنيات الذكاء الاصطناعي ، وتتعرض العملات الرقمية ايضا لمخاطر العملات الورقية مثل: المخاطر الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والجيوسياسية ( المخاطر العامة )، ومخاطر تلاعب اصحاب الشركات بالأرقام .
ومع صدور قانون تنظيم التعامل بالأصول الافتراضية رقم (14) لسنة 2025، حيث تنص المادة (10) بند (أ) من القانون على :
( للبنك المركزي قبول إصدار أو استخدام أي من الاصول الافتراضية لأغراض الدفع في المملكة وفقا للضوابط والمتطلبات التي يحددها بمقتضى تعليمات يصدرها لهذه الغاية) ، ولا بد من الاشارة الى ان النقود :هي أي شيء يمكن استخدامه كوسيط للتبادل ومخزن للقيمة ووحدة لقياس القيمة ،ومعيار للمدفوعات الآجلة شريطة أن يلقى قبولا عاما في التبادل بين أفراد المجتمع .
بناء على ما سبق هل يصدر البنك المركزي الاردني تعليمات لاعتماد العملات الرقمية عملة قانونية لأغراض الدفع ؟
هل تصبح العملات الرقمية عملة قانونية مقبولة للدفع في الأردن ؟
أ.د.عبدالفتاح العبداللات
باحث في الاقتصاد الاسرائيلي و الشرق الأوسط
| 1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
28-12-2025 12:05 PM
سرايا |
| لا يوجد تعليقات | ||