22-12-2025 04:58 PM
بقلم : امل خضر
في وداع عامٍ لم يكن عاديًا، نقف عند عتبة 2025 لا لنعدّ أيامه، بل لنقرأ ملامحه، ونفكك أحداثه، ونستخلص دروسه. كان عامًا ثقيلاً على المنطقة، مضطربًا في الإقليم، متقلبًا في الاقتصاد، حادًّا في السياسة، لكنه بالنسبة للأردن كان عامًا آخر من الثبات حين تتمايل الجغرافيا، ومن الحكمة حين تشتعل الانفعالات، ومن الدولة حين تتكاثر محاولات إضعافها. 2025 عام النار من حولنا واليقين في داخلنا.
مرّ العام على الشرق الأوسط مثقلاً بالحروب، وفي القلب منها مأساة غزة، حيث سقط القناع عن عالمٍ يدّعي الإنسانية ويمارس الانتقائية. وبينما ارتبك كثيرون، ظل الموقف الأردني واضحًا، أخلاقيًا، ثابتًا، لا يساوم على الدم، ولا يتاجر بالقضية، ولا يبدّل بوصلته مع تغيّر الرياح.
هنا، برز الدور المحوري لجلالة الملك عبدالله الثاني، الذي لم يتعامل مع الأحداث بردّات الفعل، بل بعقل الدولة العميقة. سياسيًا، حمل صوت الأردن إلى العواصم الكبرى، محذرًا من اتساع دائرة الصراع، ومدافعًا عن حق الفلسطينيين، وعلى رأسهم أهل غزة، في الحياة والكرامة والحرية. لم تكن خطاباته مجاملة دبلوماسية، بل مواقف صريحة تُقال حيث يجب أن تُقال، وباللغة التي يفهمها العالم.
كان 2025 عامًا صعبًا على الجميع، لكن الإدارة الأردنية اختارت طريق الواقعية لا التهويل. استمر العمل على حماية الاستقرار المالي، وتخفيف الأعباء قدر الإمكان، وتعزيز الشراكات الدولية، وسط ظروف إقليمية ضاغطة. لم تكن المعجزة ممكنة، لكن منع الانهيار كان إنجازًا بحد ذاته، والرهان ظلّ على صبر الأردنيين ووعيهم، لا على حلولٍ مؤقتة أو وعودٍ شعبوية.
لعبت الأجهزة الأمنية الأردنية دورًا استثنائيًا في عامٍ ازدادت فيه محاولات العبث والاستهداف، وعلى رأسها دائرة المخابرات العامة، التي واصلت عملها بهدوء واحتراف، تحمي الوطن دون ضجيج، وتمنع الخطر قبل أن يُرى، وتحفظ سلامة المواطن دون أن يشعر بحجم ما أُحبط في الخفاء. كان أمن الأردن في 2025 عنوانًا لثقة الدولة بنفسها، لا لاستعراض القوة.
شعبٌ يعرف متى يقف وأين يقف
فقد أثبت مرة أخرى أنه شريك لا متفرج. وعيٌ في زمن الإشاعة، تماسكٌ في زمن الاستقطاب، ووقوفٌ خلف القيادة حين يكون الوطن على المحك. اختلف الأردنيون في الرأي، نعم، لكنهم اتفقوا على الأردن، وعلى أن أمنه واستقراره خطٌ أحمر لا يُساوَم عليه.
وفي وداع هذا العام، لا بد من رسالة صادقة إلى دولة جعفر حسان
الأردن لا يحتاج مسؤولًا بارعًا في الخطاب بقدر ما يحتاج رجل دولة همه الوطن والمواطن، يسمع أكثر مما يتكلم، ويعمل أكثر مما يَعِد. الأردنيون يستحقون إدارة تشعر بثقل المسؤولية، وتدرك أن الكرامة المعيشية ليست ترفًا، بل حق، وأن العدالة ليست شعارًا، بل ممارسة.
ونحن نستقبل عامًا جديدًا، نتقدّم بأصدق الأمنيات لجلالة الملك عبدالله الثاني، ولسمو ولي العهد الأمير الحسين بن عبدالله الثاني، وللأسرة الهاشمية الكريمة، وللشعب الأردني العظيم، بأن يحمل العام القادم سلامًا أقرب، وعدلًا أوضح، وأملًا لا يخيب.
كما نبعث بتحية صادقة للأمتين العربية والإسلامية، راجين أن يكون القادم أقل وجعًا، وأكثر إنصافًا، وأقرب إلى ضمير الإنسان.
وداعًا 2025 لم تكن سهلًا، لكنك مررت، وبقي الأردن كما كان دائمًا
واقفًا، ثابتًا، يعرف من هو، ويعرف إلى أين يمضي.
| 1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
22-12-2025 04:58 PM
سرايا |
| لا يوجد تعليقات | ||