بقلم : شاكر خليف
في الوقت الذي تتجه فيه الأنظار نحو مشروع "المدينة الجديدة" كطوق نجاة للتوسع العمراني في الأردن، يبرز تساؤل جوهري يتجاوز حدود الجغرافيا:
كيف سنربط قلب العاصمة النابض بهذا الشريان الجديد؟
إن الإجابة لا تكمن في رصف المزيد من الطرق السريعة، بل في صياغة "ثورة بيضاء" في مفهوم النقل العام، تحول المسافة بين عمان والمدينة الجديدة من عائق زمني إلى فرصة استثمارية كبرى.

الاستثمار من أجل تحقيق جودة الحياة

يجب ان ندرك بان المستثمر العالمي اليوم لا يبحث عن قطعة أرض فحسب، بل يبحث عن "الكفاءة اللوجستية" و تشير الدراسات العالمية لعام 2025 إلى أن تكلفة إنشاء المونوريل تتراوح بين 30 إلى 50 مليون دولار للكيلومتر الواحد، وهي تكلفة تقل بنسبة 40% عن تكلفة مترو الأنفاق، مما يجعلها الخيار الأكثر جدوى لطوبوغرافيا عمان.

​إن وجود خط مونوريل بطول 18 كم في عمان مثلا سيكون كفيلا بنقل 20,000 راكب في الساعة بكل اتجاه، مما يعني إزاحة قرابة 40,000 مركبة خاصة من الشوارع يومياً. هذه الأرقام ليست مجرد أداة لتخفيف الزحام، بل هي لغة الجذب الاستثماري؛ فالمستثمر يدرك أن "اليقين الزمني" لوصول الموظفين والعملاء سيرفع من إنتاجية العمل بنسبة تصل إلى 15%.

​ المونوريل كعمود فقري

​تعتمد الرؤية الشمولية للنقل التي نحتاجها على تكامل الوسائط؛ فالمونوريل داخل عمان ليس مجرد وسيلة لفك الاختناقات، بل سيكون هو "المغذي الرئيسي" لمسار المدينة الجديدة.
بالاضافة لذلك فإننا ​عندما نطبق نموذج "التنمية القائمة على النقل" (TOD)، نتوقع ارتفاعاً في قيمة الأصول العقارية حول المحطات بنسبة تتراوح بين 20-25% و هذا الارتفاع وحده كفيل بجذب مليارات الدنانير في استثمارات عقارية وتجارية عند كل "عقدة مواصلات"، محولاً المحطات إلى مراكز حيوية تضم مكاتب، مقاهي، وخدمات رقمية.

ان وجود منظومة ذكية، سيؤدي إلى اختصار زمن الرحلة من عمان إلى المدينة الجديدة ليكون ضمن "الزمن الذهبي" (أقل من 35 دقيقة). هذا التحول يعزز من مفهوم "المدينة الذكية"، حيث ترتبط المنظومة بـ تذكرة موحدة رقمياً تتيح للمواطن استخدام المونوريل، الحافلات سريعة التردد، وغيرها بتطبيق واحد.

​إن تقليل الاعتماد على المركبات الخاصة سيساهم في خفض انبعاثات الكربون بنسبة تتماشى مع رؤية الأردن الخضراء، ويقلل من فاتورة دعم المحروقات بنسبة تقديرية تصل إلى 12% سنوياً على المدى البعيد.

​ الطريق نحو المستقبل

إن المدينة الجديدة بلا نظام نقل ذكي ومتكامل ستظل مجرد "ضاحية سكنية" بعيدة، لكنها بوجود المونوريل والربط الاستراتيجي قد تصبح العاصمة الاقتصادية التي نحلم بها .

يجب أن يدرك صناع القرار بان الاستثمار في النقل هو استثمار في الإنسان، وفي الوقت، وفي مستقبل الأردن .