حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الخميس ,4 ديسمبر, 2025 م
طباعة
  • المشاهدات: 6040

الشباطات يكتب: استحداث وزارة للذكاء الاصطناعي

الشباطات يكتب: استحداث وزارة للذكاء الاصطناعي

 الشباطات يكتب: استحداث وزارة للذكاء الاصطناعي

04-12-2025 08:11 AM

تعديل حجم الخط:

بقلم : د.م. أمجد عودة الشباطات
تنظر الدول اليوم إلى الذكاء الاصطناعي باعتباره نافذة استراتيجية لإعادة بناء منظومتها الإدارية والاقتصادية، لا مجرد أداة تقنية. وفي لحظة يتسارع فيها العالم نحو نماذج جديدة في الإنتاج والخدمات والإدارة، يصبح على الأردن أن يعيد تقييم موقعه، وأن يحدد أين يمكن أن يقف خلال العقدين المقبلين إذا أحسن تنظيم قدراته وتوجيهها. هذه النافذة مختلفة لأنها لا تعتمد على موارد تقليدية، بل على سرعة التعلم، والاستفادة من تكنولوجيا أصبحت متاحة للجميع تقريبًا، ومع التطور المتسارع في الذكاء الاصطناعي أصبح اللحاق بالعالم المتحضر أسهل وأسرع من أي وقت مضى، وهو ما يفرض على الأردن استغلال هذه الفرصة بدل الاكتفاء بدور المتلقي.

من هذا المنطلق، يبرز استحداث وزارة للذكاء الاصطناعي—سواء ككيان مستقل أو بدمج مدروس مع وزارة الاقتصاد الرقمي—كخيار استراتيجي يرتبط مباشرة بالتحديث الإداري والاقتصادي للدولة. فالتحول الرقمي الذي تقوم به وزارة الاقتصاد الرقمي يشكل قاعدة مهمة، لكن الذكاء الاصطناعي يتطلب طبقة مؤسسية مختلفة تُعنى بتطوير النماذج الذكية، إدارة البيانات المتقدمة، تنظيم استخدام الخوارزميات، والانتقال من “رقمنة الخدمات” إلى “صنع سياسات تعتمد على البيانات والتنبؤ”. وهذا ما يجعل دور الوزارة المقترحة مكمّلًا، لا مكررًا.

ولأن الجهد يجب أن يتركّز بدل أن يتوزع، فإن التوجه الأمثل هو اختيار مجالات محددة يملك الأردن فيها قاعدة بشرية أو ميزات نسبية، ثم بناء منظومة تعليمية وبحثية وتشريعية داعمة حولها، وبناء هوية تكنولوجية تتمحور حوله بحيث تصبح هذه المجالات نقطة قوة وطنية لا مجرد مشاريع منفصلة. ويمكن أن تشمل هذه المجالات تطبيقات الذكاء الاصطناعي في الصحة، تقنيات المياه، التعدين، أو إدارة الموارد، شرط أن تُدار ضمن رؤية موحدة تجمع الجامعات والمراكز البحثية والقطاع الخاص.

وعلى المستوى العملي، يمتلك الأردن قدرة على تطوير حلول تعتمد على الذكاء الاصطناعي في القطاعات الحيوية. في القطاع الصحي يمكن تعزيز قدرات التشخيص والتحليل وإدارة البيانات الطبية بالتعاون مع الكليات الطبية والهندسية. وفي الصناعة والتعدين والدفاع يمكن استخدام الأنظمة الذكية لرفع الكفاءة التشغيلية، تحسين جودة العمليات، وتطوير نماذج محاكاة وصيانة تنبؤية. أما في المياه والطاقة—وهي من أكثر الملفات ضغطًا على الدولة—فيتيح الذكاء الاصطناعي تحليل أنماط الاستهلاك، تحسين تشغيل المحطات، وضبط الإدارة التشغيلية بما يقلل الهدر ويعيد تنظيم الموارد.

استحداث وزارة للذكاء الاصطناعي لا يرتبط بإضافة هيكل حكومي، بل بإنشاء إطار وطني يربط التكنولوجيا بالأولويات الاقتصادية والإدارية الكبرى، ويوفر قدرة على اتخاذ قرارات مبنية على البيانات واستشراف المستقبل بدل الاكتفاء بالتحسينات التشغيلية. وفي ظل التطور السريع للأنظمة الذكية، تصبح الجهة التي تقود هذا التحول عنصرًا حاسمًا في تحديد موقع الأردن في المرحلة المقبلة، وفي قدرته على استثمار هذه النافذة قبل أن تفقد قيمتها الاستراتيجية.











طباعة
  • المشاهدات: 6040
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
04-12-2025 08:11 AM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
برأيك.. هل يرضخ نتنياهو لضغوط ترامب بشأن إقامة دولة فلسطينية؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم