حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الثلاثاء ,2 ديسمبر, 2025 م
طباعة
  • المشاهدات: 1949

ماجد الفاعوري يكتب: هل للأردني قضية

ماجد الفاعوري يكتب: هل للأردني قضية

ماجد الفاعوري يكتب: هل للأردني قضية

02-12-2025 02:32 PM

تعديل حجم الخط:

بقلم : ماجد الفاعوري
هذا السؤال الذي يبدو بسيطا لكنه يمتد عميقا في التاريخ السياسي والاجتماعي للدولة الأردنية وفي الوعي الجمعي الذي تشكّل عبر عقود من التحديات والتضحيات ومع أن الدولة الأردنية قامت على شراكة حقيقية بين قيادتها وشعبها إلا أن السنوات الأخيرة شهدت ظهور خطاب يحاول إعادة صياغة دور الأردني في المشهد الوطني وتصويره وكأنه طرف هامشي أو غاضب أو غير منسجم مع دولته وهو خطاب لا ينشأ من فراغ بل من مصالح متشابكة لقوى تريد إعادة توزيع النفوذ داخل الوطن
هناك من يعمل على إضعاف الأردني عبر روايات مضللة تصور الأردني بأنه في مواجهة مع نظامه أو أنه يعيش انفصالا عن مشروع الدولة أو بأنه حالة تميل إلى الصدام وهذا الخطاب لا يتوقف عند حدود التحليل السياسي بل يتقدم ليصبح جزءا من مشروع يهدف إلى تفكيك السردية الوطنية الأردنية وإعادة تشكيل الهوية على مقاييس لا تمتّ إلى الواقع الأردني بصلة كما قال أحد الباحثين في الشأن الأردني إن المعركة على هوية الأردني ليست معركة فكرية بقدر ما هي معركة على موقعه في الدولة وهوية الدولة نفسها
ولعل من أبرز الشواهد على هذا السعي المنظّم ما جرى لكفاءات أردنية تحمل شهادات عليا لكنها وجدت نفسها في مواقع لا تليق بمؤهلاتها أو بطموحها في الوقت الذي يتم فيه فتح أبواب مؤسسات حساسة أمام أشخاص مرتبطين بتيارات عابرة للحدود لا يعنيها سوى أن ترى الأردن بلا عمق وطني صلب ومن الشواهد كذلك ما تعرض له رجل الأعمال الوطني زياد المناصير الذي حاولت بعض التيارات الليبرالية الرأسمالية إبعاده عن مراكز الفعل الاقتصادي رغم أنه وفر أكثر من أحد عشر ألف فرصة عمل لأردنيين في مجموعته الاقتصادية الكبيرة وهو نموذج لرأس مال وطني ظل حتى اللحظة حريصا على الاستثمار داخل بلده لا خارجه
إن تصوير الأردني على أنه حالة تناهض الحكم أو أنها تعيش قلقا هوياتيا ليس بريئا بل موجها ويخدم رؤية تتقاطع مع مصالح فئات تمارس دور تجار الأوطان هؤلاء الذين لا يترددون في بيع أي سردية أو تبني أي خطاب ما دام يحقق لهم نفوذا أو مكسبا حتى لو كان ذلك على حساب الهوية الأردنية هؤلاء قد يكونون أردنيين أو غير أردنيين وقد يرتبطون بمشاريع خارجية سياسية أو اقتصادية أو إعلامية تعمل على خلق مسافة نفسية بين الأردني ودولته وفي هذا يقول أحد الباحثين العرب إن أخطر ما تتعرض له الدول الصغيرة المتماسكة ليس التهديد العسكري بل التهديد الهوياتي الذي يجعل أبناءها يشكون في موقعهم داخلها
إن قضية الأردني اليوم تتجاوز البعد الاقتصادي أو الاجتماعي لتصل إلى عمق الهوية الوطنية فهناك من يريد للأردني أن يشكك في دوره في مشروع الدولة وأن يتساءل عن موقعه في صناعة القرار وأن يصدق روايات ملفقة حول أن الأردني تحول إلى عبء أو عائق أمام تطور الدولة وهذه الروايات تهدف إلى خلق فراغ وطني يسهل ملؤه بمشاريع لا جذور لها ولا انتماء
إن تغييب الواقع الوطني الحقيقي ومحاولات استبداله بقراءة خارجية مصنوعة هو ما يجعل القضية الأردنية اليوم قضية معقدة إنها قضية دفاع عن السردية الوطنية الأردنية ضد من يحاول تفكيكها قضية دفاع عن دور الأردني في دولته ضد من يريد تحويله إلى مجرد متفرج وقضية دفاع عن هوية سياسية وتاريخية وثقافية امتدت عبر قرن كامل من بناء الدولة الحديثة
نعم للأردني قضية
قضية تتعلق بكرامته ودوره وشراكته مع قيادته قضية تتعلق باستعادة الوعي الوطني من أيدي من يحاولون إعادة كتابته وفق أهواء ومصالح ضيقة قضية تتعلق بأن يظل الأردني في موقعه الطبيعي ركيزة للدولة لا هامشا لها وحاملا لسرديتها لا متفرجا على إعادة صياغتها
وستظل هذه القضية قائمة ما دام هناك من يرى في إضعاف الأردني فرصة وما دام هناك من يعمل على إقصائه أو تشويه صورته وما دام هناك تجار أوطان يسعون لخلخلة العلاقة التاريخية بين الأردني ودولته لكن قوة هذه العلاقة كانت وستبقى أكبر من كل محاولات التشويه والتفكيك











طباعة
  • المشاهدات: 1949
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
02-12-2025 02:32 PM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
برأيك.. هل يرضخ نتنياهو لضغوط ترامب بشأن إقامة دولة فلسطينية؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم