حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الخميس ,27 نوفمبر, 2025 م
طباعة
  • المشاهدات: 2450

د.مارسيل جوينات تكتب: تكامل المؤسسات الوطنية في ترسيخ الأمن الفكري ومواجهة التطرف

د.مارسيل جوينات تكتب: تكامل المؤسسات الوطنية في ترسيخ الأمن الفكري ومواجهة التطرف

د.مارسيل جوينات تكتب: تكامل المؤسسات الوطنية في ترسيخ الأمن الفكري ومواجهة التطرف

27-11-2025 08:37 AM

تعديل حجم الخط:

بقلم : د. مارسيل جوينات
يشكّل الأمن الفكري إحدى الركائز الأساسية لاستقرار أي مجتمع معاصر، إذ يحمي الأفراد من الوقوع ضحية للأفكار المتطرفة التي تهدد الأمن والسلم الاجتماعي. فالتطرف يبدأ من الفكرة لا من الفعل، ومعالجة الجذر الفكري إنما هي معالجة للسبب قبل النتيجة، ومن هنا تأتي أهمية بناء منظومة متكاملة للأمن الفكري تسهم في تعزيز الوعي والاعتدال والانتماء الوطني.

تبدأ هذه المنظومة من المؤسسة التعليمية، باعتبارها البيئة الأولى التي تتشكّل فيها شخصية الفرد وقيمه المعرفية. فالتعليم الذي يقوم على تنمية التفكير النقدي يدفع الطالب إلى التحليل والمساءلة بدلاً من القبول الأعمى، ومن خلال المناهج المتوازنة التي تعزّز قيم الحوار وقبول الاختلاف ونبذ الكراهية يمكن خلق جيل يمتلك مناعة فكرية ضد الخطابات المتطرفة. كما يلعب المعلّم الدور المحوري باعتباره موجهاً فكرياً وقدوة سلوكية، لا مجرد ناقل للمعلومات.

وتأتي الأسرة لتضيف طبقة أساسية من الحماية الفكرية، فهي البيئة الأولى التي تُغرس فيها القيم منذ الطفولة. فالأسرة المتماسكة التي تعتمد على الحوار والتفاهم والقدوة الحسنة تمنح أبناءها شعوراً بالأمان والانتماء، مما يقلل من احتمال انجذابهم للأفكار المتطرفة التي تستهدف عادة الفئات المعزولة أو المهمشة عاطفياً. كما يسهم توجيه الأبناء في استخدام الإنترنت، وتعليمهم كيفية التمييز بين المصادر الصحيحة والمضللة، في تحصين عقولهم وتعزيز قدرتهم على اتخاذ مواقف فكرية سليمة.

أما الإعلام، فله تأثير مباشر وسريع على الرأي العام، وهو قادر على بناء الاتجاهات الفكرية أو تغييرها خلال فترات زمنية قصيرة. الإعلام المسؤول الذي يقدم محتوى توعوياً ويكشف خطابات التضليل يسهم في نشر الوعي المجتمعي حول مخاطر التطرف. وفي الوقت نفسه، يمكن له أن يكون منصة إيجابية لعرض نماذج فكرية معتدلة تعزز ثقافة الانفتاح والانتماء بدلاً من صناعة بيئة خصبة للكراهية.

وتلعب المؤسسات الأمنية دوراً حاسماً في حماية الأمن الفكري للمجتمع، فهي تعمل ليس فقط على مواجهة محاولات نشر الفكر المتطرف، بل أيضاً على مراقبة المؤشرات الفكرية والسلوكية المشبوهة قبل أن تتحول إلى تهديد فعلي. وقد أثبتت الأجهزة الأمنية في وطنا الأردن احترافية عالية في التعامل مع هذه الظواهر، عبر اتباع نهج استباقي يقوم على جمع المعلومات والتنسيق مع المؤسسات التعليمية والإعلامية، إضافةً إلى المشاركة في برامج التوعية المجتمعية. إن الإشادة بالمؤسسات الأمنية واجب وطني، لما تبذله من جهود لحماية المجتمع، ولما تُظهره من توازن بين الردع والحفاظ على استقرار النسيج الاجتماعي، مما يعزز الثقة العامة ويُشعر المواطنين بالأمان الفكري والمجتمعي.

تتضح أهمية التكامل بين التعليم والإعلام والأسرة والمؤسسات الأمنية حين ندرك أن المدرسة تبني الأساس الفكري، والأسرة تغرس القيم السلوكية، بينما يقوم الإعلام بنشر الوعي على نطاق واسع، وتدعم الأجهزة الأمنية هذه المنظومة عبر حماية المجتمع من أي تأثيرات خطرة. وحين تتطابق الرسائل الفكرية بين هذه الأطراف تتكوّن شبكة حماية معرفية تعيق تسلل التطرف إلى العقول.
لذا نوكد أن الأمن الفكري ليس شعاراً بقدر ما هو عملية مستمرة تشارك فيها المؤسسات التعليمية، والأسرة، والإعلام، والأجهزة الأمنية، والمؤسسات الثقافية والاجتماعية. فالفكر المتوازن والوعي السليم لا يولدان صدفة، بل نتيجة عمل منظم وموجه. وعندما يمتلك المجتمع أدوات المناعة الفكرية يصبح قادراً على مواجهة الخطابات المتطرفة وحماية استقراره ومستقبله.











طباعة
  • المشاهدات: 2450
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
27-11-2025 08:37 AM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
برأيك.. هل يرضخ نتنياهو لضغوط ترامب بشأن إقامة دولة فلسطينية؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم