حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الخميس ,27 نوفمبر, 2025 م
طباعة
  • المشاهدات: 4153

قارب الوطن الواحد: بين صوت المواطن ومسؤولية الدولة

قارب الوطن الواحد: بين صوت المواطن ومسؤولية الدولة

قارب الوطن الواحد: بين صوت المواطن ومسؤولية الدولة

26-11-2025 07:13 PM

تعديل حجم الخط:

بقلم : د. رأفت غالب البيايضة
الأردن يمر اليوم بمرحلة دقيقة، تتقاطع فيها الضغوط الاقتصادية مع التحولات الإقليمية، ما يجعل الحفاظ على الاستقرار مسؤولية مشتركة بين الدولة والمواطنين. فالدولة تمتلك تجربة طويلة في إدارة الأزمات، ورؤية واضحة للحوار، تؤكد أن المواطن شريك أساسي في صناعة القرار، وليس مجرد متلقي، وهو ما انعكس في النهج الملكي الذي يولي الاهتمام المباشر بالواقع الميداني ويستمع للهموم والاحتياجات على الأرض.

وفي المقابل، يعيش المواطن ضغوطًا متزايدة، خصوصًا الفئات البسيطة والفقيرة، التي تطالب بتحسين ظروفها المعيشية. هذه المطالب مشروعة، ويجب سماعها بوعي، لكنها تواجه قيودًا واقعية، لأن الدولة لا تمتلك عصا سحرية لحل كل المشكلات فورًا، والإصلاح يحتاج وقتًا وتدرجًا ومتابعة دقيقة. وهنا يجب أن نفهم أن الظروف الاقتصادية ليست محلية فحسب، بل هي جزء من واقع عالمي. فحتى الدول الكبرى، مثل أمريكا وأوروبا وروسيا، تعاني من التضخم والركود الاقتصادي، خاصة في منطقة الشرق الأوسط، وبالتالي لن يكون هناك انفراج حقيقي إلا إذا تحسنت الأوضاع الاقتصادية عالميًا. هذه الحقيقة تدعو إلى النظر بعين العقل وعدم الاستسلام للضغط أو الانفعال.

وفي الوقت نفسه، تظهر أصوات تهدف إلى استخدام النقد كوسيلة للهدم لا للبناء، تستثمر غضب المواطن أو الشهرة أو مصالح خاصة. هذه الأصوات لا تبحث عن حلول، بل عن التأثير السلبي على الثقة الوطنية، وتجاهل الواقع العملي الذي تواجهه الدولة. من هنا، يصبح من الضروري التفرقة بين النقد المسؤول الذي يسهم في تصحيح المسار، وبين الصوت الذي يضلل الرأي العام.

الرؤية الملكية تؤكد أن الطريق الأمثل هو الحوار الميداني والاستماع، كما يتضح من الزيارات الملكية الأخيرة، التي تركز على فهم الواقع عن كثب، ومعرفة تفاصيل الحياة اليومية للمواطنين، وتوجيه الجهود نحو الحلول العملية. هذه الزيارات ليست شعارات، بل دليل على أن الإصلاح الحقيقي يقوم على الانفتاح على الواقع واحتضان النقد البناء.

الأردن اليوم يمتلك فرصًا لتعزيز موقعه الاقتصادي والسياسي، شرط أن يدرك الجميع أنهم في قارب واحد. أي خلل في التواصل أو انفلات في الخطاب يمكن أن يضر بالاستقرار، بينما التوازن بين مطالبة المواطن والقدرة الواقعية للدولة هو ما يضمن استمرارية الإصلاح وتحقيق النتائج المرجوة. الاستقرار لا يعني تجاهل المشاكل، بل التعامل معها بوعي وصبر، مع التأكيد على أن النقد المسؤول أداة تقوي الدولة، لا تهدمها.

وفي النهاية، يبقى القارب واحدًا، والمصير مشتركًا، والوعي هو مفتاح تجاوز الضغوط والمخاطر نحو مستقبل أكثر توازنًا وعدلًا.








طباعة
  • المشاهدات: 4153
برأيك.. هل يرضخ نتنياهو لضغوط ترامب بشأن إقامة دولة فلسطينية؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم