بقلم : محمد علي الزعبي
يا دولة الرئيس،
في زمنٍ تكاثرت فيه الأصوات وتراكمت فيه الانفعالات على حساب المعرفة، أصبح بعض المنتقدين يلوّحون بآراء تُطلق في الهواء بلا جذر، وكأنّ الحكم على أداء الوزراء والمسؤولين مجرّد مزاج عابر أو رغبة في الاستعراض، هناك من يطالبك يا دولة جعفر حسان باستحداث وزراء من جبال الهملايا أو من شرق آسيا ليُرضي ميولًا لا تُقاس بمعايير الدولة ولا بمنطق الإصلاح، وكأن المطلوب هو إثارة الإعجاب وليس بناء حكومات تمضي وفق رؤية، وتعمل على ملفات معقدة تتطلب الخبرة لا الانبهار.

عندما يريد أحدهم انتقاد وزير أو مؤسسة، فعليه أولًا أن يحمل البرهان الدامغ، وأن يثبت أنه قرأ السياسات ولمس البرامج، وأنه اطّلع على الواقع المالي للمؤسسة وسياقها القانوني والتشغيلي، وأنه أدرك حجم الضغط والظروف التي تحيط بعملها، ليست القضية دفاعًا عن الوزراء بقدر ما هي دفاع عن عدالة النظرة وضرورة أن يكون النقد ابن معرفة لا ابن رغبة في الظهور.

من يتابع المشهد يدرك أنك يا دولة الرئيس ،، تمضي في خط إصلاحي واضح،، عقلانية في القرار، انضباط في الأداء، ورفض قطعي لأي علاقة مشبوهة أو تداخل غير نقي في مصالح الدولة، أياً كان موقع صاحبها، لكن ما لا يُدركه البعض أن الإصلاح لا يُقاس بالصوت العالي، بل بمقدار ما يتحقق على الأرض من ضبط، ومراجعة، وفتح للملفات، ومحاسبة قائمة على الوقائع لا على الروايات.

وهنا، يصبح الإعلام المعتمد على الدقة جزءًا من معادلة الدولة لا خصمًا لها، المطلوب اليوم تبنّي خطاب إعلامي متمكن، يشعر بنبض المؤسسات، ويشير إلى إنجازاتها بوضوح، ويكشف مواقع الخلل بلا مبالغة، ويقدّم للرأي العام صورة صادقة لا مصطنعة، إعلام يوازن بين النقد المسؤول والتقدير المستحق، ويعرف أن بناء الدول لا يتم عبر الإثارة، بل عبر المعرفة والوعي وثقة المواطن بما يُنجز فعلًا.

إن الأردن في لحظة استثنائية، لا تحتمل المزايدات ولا أحكام الفيسبوك، بل تحتاج إلى نقد عاقل، وإلى قراءة موضوعية، وإلى إعلام يحترم عقل الدولة ومؤسساتها. والحق يُقال،، إن إدارة الدولة لا تُقاس بالشعبويات ولا بمقاييس “العجقة”، بل بقدرتها على اتخاذ القرار وتنفيذ البرامج وإحداث التغيير مهما كان هادئًا أو غير ملفت للعدسات.

يا دولة جعفر حسان،
صوت الحقيقة سيظل أعلى من ضجيج المبالغات، ومَن يتكئ على منهج إصلاحي راسخ لا يخشى أن يقول،، هذا صحيح… وهذا بحاجة إلى تصويب، المهم أن نرى المشهد كله، لا أن نلتقط منه زاوية صغيرة ونحوّلها إلى حكم مطلق.