22-11-2025 04:38 PM
بقلم : المهندس ثائر عايش مقدادي
جاء طلب سمو ولي العهد الأمير الحسين بن عبدالله الثاني خلال زيارته الأخيرة إلى محافظة الطفيلة الهاشمية ليشكّل نقطة تحوّل مهمة في مسار بناء الوعي الوطني، إذ شدّد سموه على ضرورة توثيق السردية الأردنية وتقديمها للأردنيين، وخاصة الشباب، بأساليب حديثة ومتكاملة تعكس حقيقة الدولة وتاريخها ومسيرتها.
هذا التوجيه لم يكن مجرد ملاحظة عابرة، بل كان رؤية شاملة تُعيد التأكيد على أن مستقبل الأردن يبدأ من فهم ماضيه، وأن جيل الغد بحاجة إلى رواية وطنية واضحة تعزز الانتماء وترسّخ الهوية وتحصّنه ضد التحديات الفكرية والمعلومات المضللة.
السردية الأردنية هي خلاصة قصة الدولة منذ التأسيس وحتى اليوم؛ قصة الإنسان الأردني الذي بنى، وصمد، ودافع عن وطنه، وقصة القيادة الهاشمية التي حملت رسالة الأمن والاستقرار وحمت الأردن في أصعب الظروف.
إنها ليست مجرد أحداث متفرقة، بل منظومة متكاملة من التضحيات والإنجازات والمواقف المشرفة التي يجب توثيقها بعناية لتبقى مرجعاً للأجيال.
وتوثيق السردية يعني تقديم تاريخ الأردن بصورة أدق، وأشمل، وأقرب للناس، عبر توثيق الوثائق الرسمية، التاريخ الشفهي، المنجزات الوطنية، والأدوار التي قامت بها كل محافظة وكل فرد في صناعة الدولة.
اختار سمو ولي العهد أن يعلن هذا التوجيه خلال زيارته إلى الطفيلة، المحافظة التي شكّلت عبر تاريخها نموذجاً للفداء والولاء.
اختيار الطفيلة يحمل دلالات عميقة:
• أن كل محافظة جزء جوهري من السردية الأردنية.
• أن الأردنيين جميعاً ساهموا في حماية الوطن وبنائه.
• وأن إعادة تقديم الرواية الوطنية يجب أن تشمل الجميع، من الشمال إلى الجنوب.
من الطفيلة، أراد سموه أن يقول إن سردية الأردن تُكتب من الناس، من قصصهم، وتاريخهم، ومواقفهم، وصبرهم، وأن الوقت قد حان لجمع تلك السرديات في إطار وطني موحد يعكس الحقيقة ويُعزز الهوية وتجلى ذلك في ذكر سموه لمعركة "حد الدقيق".
المرحلة التي يعيشها الأردن والمنطقة تتطلب وعياً وطنياً متماسكاً، وهو ما يدركه سمو ولي العهد تماماً.
ومن هنا جاء تأكيده على التوثيق لأنه:
1. يحمي الحقيقة الوطنية من التحريف
2. يعزز ثقة المواطن بدولته
3. يقدم للأجيال رواية موحدة وواضحة
4. يدعم مكانة الأردن إقليمياً ودولياً
الشباب اليوم بحاجة إلى معرفة من هم، وما تاريخ دولتهم، وكيف وصل الأردن إلى ما هو عليه من استقرار واعتدال وسط محيط مضطرب.
وتوثيق السردية يحقق للشباب:
1. بناء وعي قوي بالهوية الوطنية
2. قدرة على قيادة المستقبل
3. تحصين ضد الروايات السلبية والمعلومات المضللة
4. تعزيز روح المشاركة والمسؤولية
المشروع لا يخدم الشباب فحسب، بل يعزز منظومة الدولة ككل، إذ يؤدي إلى:
• تطوير مناهج التعليم والإعلام ليعكس التجربة الوطنية الحقيقية.
• تعزيز وحدة المجتمع حول رواية وطنية جامعة.
• رفع وعي المؤسسات بأهمية التاريخ في صياغة السياسات.
• حماية الذاكرة الوطنية من الضياع مع مرور الزمن.
هذا المشروع الوطني يمثّل أحد أهم ركائز الأمن الثقافي والفكري، ويدعم الاستقرار الذي تميّز به الأردن منذ نشأته.
إن طلب سمو ولي العهد بتوثيق السردية الأردنية ليس خطوة بروتوكولية، بل هو خارطة طريق لبناء وعي وطني متين لجيلٍ يحمل مسؤولية المستقبل.
من الطفيلة الهاشمية، تلك المحافظة التي كانت دائماً رمزاً للتاريخ والوفاء، تبدأ مرحلة جديدة عنوانها:
جيل يعرف تاريخه، يفتخر بهويته، ويقود وطنه نحو المستقبل بثقة وعزيمة.
إن الأردن، بقيادته الهاشمية وشعبه العظيم، قادر على أن يكتب سرديته بأمانة، ويقدّمها للعالم كنموذج للدولة الراسخة القادرة على تجاوز التحديات وصناعة مستقبل أفضل.
اللهم احفظ الأردنَ أرضًا وشعبًا، واجعل هذا الوطن آمنًا مطمئنًا سخاءً رخاءً وسائر بلاد المسلمين.
اللهم وفِّق مليكَنا عبدَالله الثاني ووليَّ عهده الحسين، وأيِّدهم بالحق وألهمهم الحكمة، وبارك في خطاهم واجعلهم سببًا لرفعة الوطن وعزته.
اللهم اصرف عن الأردن كل مكروه واحفظه بعينك التي لا تنام.
| 1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
22-11-2025 04:38 PM
سرايا |
| لا يوجد تعليقات | ||