حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
السبت ,22 نوفمبر, 2025 م
طباعة
  • المشاهدات: 3661

جاسر عبدالرزاق النسور يكتب: دكتور الإدارة الاستراتيجية وإدارة الأزمات

جاسر عبدالرزاق النسور يكتب: دكتور الإدارة الاستراتيجية وإدارة الأزمات

جاسر عبدالرزاق النسور يكتب: دكتور الإدارة الاستراتيجية وإدارة الأزمات

22-11-2025 11:15 AM

تعديل حجم الخط:

بقلم : الدكتور جاسر عبدالرزاق النسور
لماذا لم يرتفع الدين العام في عهد حكومة الفايز… ولماذا تضاعف بعده؟ قراءة موضوعية في اختلاف الظروف والضغوط
أود التأكيد أن ما أقدمه هنا ليس دفاعاً عن أي طرف وإنما عرض محايد مبني على تسلسل الأحداث لفهم أسباب تفاقم المديونية.
تشهد وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي حديثاً متكرراً حول استقرار الدين العام الأردني خلال فترة حكومة فيصل الفايز، مقابل ارتفاعه الكبير في السنوات اللاحقة. وللوهلة الأولى، قد يعتقد البعض أن ثبات المديونية في تلك المرحلة يمثل إنجازاً سياسياً استثنائياً، لكن قراءة المشهد الاقتصادي بموضوعية وبعيداً عن المبالغة تكشف أن الفارق الجوهري لا يرتبط بالأشخاص بقدر ما يرتبط بالظروف المختلفة تماماً بين الماضي والحاضر.
فترة الفايز: ظروف مستقرة لا تضغط على الموازنة
عندما تولّى الفايز رئاسة الوزراء عام 2003، كانت المملكة تعيش ظروفاً أبسط بكثير من تلك التي نعرفها اليوم.
فعدد السكان كان أقل، والطلب على الخدمات الصحية والتعليمية والبنية التحتية كان محدوداً مقارنة بالحجم الحالي. كما لم تكن البلاد تواجه موجات اللجوء الكبرى التي بدأت بعد عام 2005، ولم تكن أزمات الطاقة أو الغذاء أو الأسواق العالمية قد ضربت المنطقة بعد.
إلى جانب ذلك، لم تعتمد الحكومة آنذاك على الاقتراض بكثافة، وساعدت المنح الخليجية المباشرة في تخفيف عبء العجز، الأمر الذي ساهم في بقاء الدين مستقراً خلال فترة قصيرة بطبيعتها أصلاً.
هذه المعطيات تجعل استقرار الدين في تلك المرحلة نتيجة طبيعية لواقع هادئ ومستقر، وليس دليلاً على معجزة مالية أو سياسة خارقة.
من 2005 وما بعدها: بداية الضغوط الحقيقية على الاقتصاد الأردني
فمنها موجات اللجوء العراقي عندما تدهورت الأوضاع في العراق، أدخل الأردن مئات الآلاف من الأشقاء العراقيين ، مما أثر وزاد الضغط على المدارس، ، المستشفيات، الإيجارات ، الخدمات الأساسية ، سوق العمل ، وإجمالا البنية التحتية ، وكلها عناصر تنعكس مباشرة على الموازنة العامة وترفع الإنفاق الحكومي.
ومما أثر أيضاً على الأردن والعالم الأزمة المالية العالمية 2008 ؛ حيث اختلّ العالم اقتصادياً في تلك الفترة إذ تراجع الاستثمار الخارجي والمحلي، وانخفضت الإيرادات، واضطرت كثير من الحكومات—ومنها الأردن—إلى الاقتراض لتغطية التزاماتها الأساسية.
ومنها أيضاً أزمة الغذاء والطاقة 2009–2011 ؛ حيث قفزت أسعار النفط والقمح عالمياً إلى مستويات قياسية ، فالأردن، الذي يعتمد على الاستيراد، وجد نفسه أمام فاتورة طاقة وغذاء مرتفعة تضغط بشكل كبير على الموازنة.
ومنها انقطاع الغاز المصري (2011–2014)؛ حيث أن هذا الحدث وحده كلف الأردن مليارات، إذ اضطر لإنتاج الكهرباء بوقود الديزل والفيول باهظ الثمن، ما تسبب بعجز ضخم في شركة الكهرباء الوطنية انتقل لاحقاً إلى الدين العام.

ومنها موجة اللجوء السوري ابتداءً من 2011؛ حيث استقبل الأردن أكبر موجة لجوء في تاريخه الحديث، تجاوزت مليوناً وثلاثمئة ألف سوري حيث تضاعف الضغط على: الماء ، الكهرباء ، التعليم ، الصحة ، البنية التحتية ، المساعدات الاجتماعية.
ورغم المساعدات الدولية، بقي العبء الفعلي أعلى بكثير مما حصل عليه الأردن.
ومنها أيضاً عودة الأردنيين وتأثر القطاعات الإقليمية؛ شهدت المملكة أيضاً عودة أعداد كبيرة من الأردنيين من دول مجاورة في فترات الاضطراب، ما رفع البطالة وزاد الضغط على الخدمات.
أما في 2020 فالكارثة الأكبر 2020: كورونا… الأزمة التي ضربت العالم كاملاً
التي تسببت في إغلاقات عامة ، توقف السياحة ، انهيار النقل ، هبوط الإيرادات الحكومية ، ارتفاع النفقات الصحية ، دعم القطاعات المتضررة
اضطرت الدولة، مثل كل دول العالم، إلى الاقتراض لتأمين رواتب وخدمات أساسية.
فالمقارنة غير عادلة ، من الصعب، بل من غير المنطقي، مقارنة فترة هادئة مثل عهد الفايز، بسنوات امتلأت بأزمات عالمية وإقليمية وضغوط داخلية غير مسبوقة.
في عهد الفايز ، عدد السكان أقل ، لا موجات لجوء ، لا أزمات مالية عالمية ، لا انقطاع غاز ، لا جائحة ، منح خارجية مباشرة ، فترة حكم قصيرة بطبيعتها
بعد عهد الفايز حدث اللجوء العراقي ، أزمة مالية عالمية ، أزمة طاقة وغذاء ، انقطاع الغاز المصري ، لجوء سوري ضخم ، تضخم سكاني ، كورونا ، تباطؤ اقتصادي عالمي
هذه الظروف وحدها كافية لشرح سبب ارتفع الدين لاحقاً، دون الحاجة للمبالغة أو لصناعة بطولات غير واقعية.
يمكن القول أن مرحلة دولة فيصل الفايز كانت من أكثر المراحل هدوءاً نسبياً قبل اشتداد الأزمات الاقتصادية، و نستطيع القول أن استقرار الدين العام في المرحلة كانت البيئة الاقتصادية والاجتماعية هادئة. أما تضخم الدين العام في السنوات اللاحقة فجاء بفعل تراكم أزمات عالمية وإقليمية وضغوط داخلية غير مسبوقة لم تمر على الأردن من قبل وهكذا، يصبح السؤال ليس: لماذا ارتفع الدين؟ بل: كيف استطاع الأردن الصمود رغم كل هذه الأزمات المتلاحقة؟
سيبقى الوطن راسخاً في نزاهته وشامخاً بقيادته وشعبه
.. حمى الله الأردن وقيادته الهاشمية.








طباعة
  • المشاهدات: 3661
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
22-11-2025 11:15 AM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
برأيك.. هل يرضخ نتنياهو لضغوط ترامب بشأن إقامة دولة فلسطينية؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم