حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الثلاثاء ,18 نوفمبر, 2025 م
طباعة
  • المشاهدات: 5200

نادية سعدالدين تكتب: "السويداء" .. معبر صهيوني لسورية والمنطقة (1)

نادية سعدالدين تكتب: "السويداء" .. معبر صهيوني لسورية والمنطقة (1)

نادية سعدالدين تكتب: "السويداء" ..  معبر صهيوني لسورية والمنطقة (1)

17-11-2025 08:38 AM

تعديل حجم الخط:

بقلم : نادية سعدالدين
تُعد «أزمة السويداء»، المُمتدة منذ 13/7/2025، مدخلاً صهيونياً مُريحاً لأهدافه الاستراتيجية في الساحة السورية الهشة، ولطموحاته التوسعية بالمنطقة، بعدما أضحت سورية ميداناً مفتوحاً للتدخلات الإقليمية والدولية المُتضادة لإعادة التموضع ورسم خرائط النفوذ مجدداً، وللضغوط الأميركية الثقيلة لربط دمشق بترتيبات التطبيع مع الكيان المُحتل، كشرط حيوي للتعامل معها.


تتضح الأطماع الصهيونية في الاستيلاء على جبل الشيخ ومواقع عدة بالجولان السوري المُحتل وإعلان إنهاء اتفاق «فض الاشتباك» مع سورية لعام 1974، والسيطرة على المنطقة العازلة، فور سقوط نظام الرئيس «بشار الأسد» (8/12/2024). بينما سهل نداء «الاستغاثة» الذي أطلقه (الرئيس الروحي للطائفة الدرزية في محافظة السويداء) «حكمت الهجري»، طريق الاحتلال الاستعماري بحجة «حماية الدروز» لتبرير التصعيد العدواني، سبيلاً لتحقيق أهداف.
أولاً: استقطاب الطائفة الدرزية في المعادلة الداخلية السورية، عبر التدخل العسكري في السويداء وتحديد مصيرها وتعزيز النزعة الدرزية الانفصالية توطئة لتشكيل «حاجز بشري درزي» يمنع وصول ما يسميهم «القوى المعادية» لحدوده، لزعزعة أمن واستقرار سورية.
وتُشكل التحركات الانفصالية مدخلاً للمشروع الصهيوني. حيث تطالب مكونات درزية بهوامش أكبر للحكم الذاتي، مما يثير قلقاً مركزياً من الفيدرالية كغطاء للانفصال وتقسيم سورية ولتدخلات خارجية. ويتصدر «الهجري» تياراً مناهضاً لسيطرة الدولة السورية على المحافظة، والمطالبة «بدولة ديمقراطية لا مركزية» تحظى السويداء فيها بإدارة ذاتية، و»فتح ممر إلى مناطق سيطرة قوات قسد»، تماهياً مع مطالب الأكراد المُماثلة.
ثانياً: الضغط على سورية لتوقيع معاهدة سلام وتطبيع كامل مع الاحتلال وفق شروطه الأمنية.
ثالثاً: يستغل الاحتلال حالة السيولة السياسية وضعف البنية العسكرية للدولة السورية لفرض واقع أمني جديد في جنوب سورية يمنع أي تموضع لإيران أو «حزب الله» ضمن ساحته، ويُحول محافظاته الثلاث (السويداء ودرعا والسويداء) إلى مناطق منزوعة السلاح، في إطار هدف تكريس المنطقة العازلة داخل عمق الأراضي السورية.
رابعاً: إضعاف الحكومة المركزية، وعرقلة جهود بناء دولة سورية موحدة وقوية قدر الإمكان، إذ يخشى الكيان المُحتل من الدعم الإقليمي والدولي لسورية، وأن يؤدي إدماجها في مشاريع الربط التجاري بين تركيا والأردن والسعودية إلى تجاوزه، وزعزعة موقعه كممر استراتيجي بين الشرق والغرب، بما يهدد مشروع «الهند – إسرائيل – أوروبا»، أو يعطله.
خامساً: إقامة «ممر داود» بمزاعم توراتية؛ بإنشاء ممر جيوسياسي يمتد من شمال فلسطين المحتلة عبر الجولان السوري المُحتل ومحافظتي درعا والسويداء جنوباً نحو مناطق سيطرة «قسد» عبر منطقة التنف (نقطة التقاء الحدود السورية مع الأردن والعراق) وصولاً إلى شرق الفرات على الحدود التركية – العراقية، توطئة لدخول كردستان العراق من جغرافية الأنبار العراقية، بعد ايجاد كيانات درزية وكردية موالية له، بهدف التغلغل الجغرافي والعسكري داخل العمق السوري، والسيطرة على أراضٍ عربية كجزء من مشروعه التوسعي الإقليمي، أو تحويل الممر كأداة هيمنة، وإضعاف النفوذ الإيراني بالسيطرة على الحدود الشرقية السورية العراقية، والاقتراب من حدود تركيا الجنوبية وتقليص نفوذها كدولة منافسة للمصالح الصهيونية في المنطقة، عدا الاستيلاء على ثروات شرق الفرات الطبيعية.
غير أن المشروع الصهيوني التوسعي يصطدم برفض شعبي سوري ومعارضة وطنية عروبية عريضة داخل الطائفة الدرزية، مما ينسجم مع مسار تاريخي درزي مؤيد للوحدة ويؤشر لغياب الأرضية الدينية والاجتماعية الحاضنة للتحرك الانفصالي المُضاد.
وتمتد العقبات نحو مناهضة تركية لما تعتبره تهديداً لأمنها القومي، وموقف أميركي يميل نحو استقرار سورية الجديدة بعيداً عن المشاريع الانفصالية، خشية تعزيز قوة التنظيمات الإرهابية المسلحة وتمكين النفوذ الإيراني والروسي.
ومع ذلك؛ لن تنتهي أزمة «السويداء» قريباً، وكلما طال أمد واقعها الأمني الخاص، بمسعى صهيوني محموم، فقد يُكرس واقعاً سياسياً خاصاً، سيفرض نفسه على مفاوضات الحكومة السورية مع «قسد»، رغم تعثرها. وما لم تُسارع الدولة إلى اتخاذ إجراءات علاجية حاسمة لاحتواء الانشطار المجتمعي وسد منافذ التدخلات الخارجية، في إطار مشروع وطني جامع، فإن الباب سيبقى مفتوحاً أمام مشهد مضطرب يهدد وحدة سورية وهويتها الوطنية.











طباعة
  • المشاهدات: 5200
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
17-11-2025 08:38 AM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
برأيك.. هل يرضخ نتنياهو لضغوط ترامب بشأن إقامة دولة فلسطينية؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم