16-11-2025 11:12 AM
بقلم : د. خولة الشحيمات
ما نراه حولنا من صراعات بين الأبناء ووالديهم يعكس حاجتهم الملحّة للفهم والاحتواء قبل أن تتحول السنوات الحرجة بينهم إلى مسافة وعزلة.
في كثير من البيوت، يوجد حاجز داخلي يفصل بين الوالدين وأبنائهم المراهقين، ليس لأنه تمرد من الأبناء، ولا قسوة من الوالدين، بل لأن كل طرف يتحدث لغة لا يفهمها الآخر. يرى الوالدان تغيرات أبنائهما: أصوات مرتفعة، سلوك متصلّب، اهتمامات جديدة، فيفسرون ذلك على أنه جفاء أو خروج عن المألوف، بينما يسعى الأبناء لفهم ذواتهم وسط صراع داخلي بين مشاعر متقلبة ورغبة في رسم حدود استقلالهم، وحين لا يجدون من يصغي لهم، يلجؤون إلى العزلة ويطوون على قلوبهم ما لا يجد طريقًا للبوح.
المراهقة ليست خروجًا على الطاعة، بل مسار معرفة النفس والبحث عن الذات، وهي مرحلة دقيقة تحدد رؤية الشاب أو الفتاة للحياة. إلا أن الكثير من الآباء والأمهات يتعاملون معها بعقلية السيطرة لا الاحتواء، متناسين أن الشدة دون نقاش تولّد الخوف، وأن النصيحة حين تعلو نبرتها يخفت أثرها، وأن التربية الحقيقية تقوم على المرافقة والوعي لا على الأوامر والمحاسبة. والمراهق في جوهر حاجته لا يبحث عن مراقبة، بل عن من يصغي له، ويؤمن أن خطأه مساحة للتعلم لا ساحة للعقاب. فحين يشعر أن والديه يحاسبانه أكثر مما يفهمانه، يبدأ بالبحث عمن يمنحه مساحة للحديث خارج المنزل، وهناك تبدأ الفجوة التي يصعب ترميمها لاحقًا.
كم من أبٍ وأمٍ ندموا حين أدركوا أن عصبيتهم كانت طلبًا للفهم لا تمرّدًا أو إثباتًا للقوة، وكم من شاب وفتاة كبروا وهم يحملون جرحًا صامتًا، من فقدان السند العاطفي في اللحظة التي كانوا بأمسّ الحاجة إليها.
والواقع اليوم يفرض علينا أن نقترب من أبنائنا أكثر من أي وقت مضى؛ أن نستمع إليهم قبل أن نتكلم، ونرافقهم بحكمة وصبر، لنحافظ على ما تبقى من جسور التواصل، ونحوّل سنوات التحدي إلى فرصة لبناء علاقة راسخة تقوم على الثقة والاحترام.
د. خولة الشحيمات
مديرية الأغوار الشمالية
| 1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
16-11-2025 11:12 AM
سرايا |
| لا يوجد تعليقات | ||