16-11-2025 09:09 AM
سرايا - في ذكرى رحيله الخامسة، استعاد ثامر الرقاد مشاعر الحزن والوفاء تجاه والده، الباشا محمد الرقاد، مستحضرًا إرثه الوطني ومسيرته الحافلة بالعطاء.
وجاءت كلمات الرقاد بمثابة رسالة وفاء لرجل ترك بصمة كبيرة في مؤسسات الدولة وفي وجدان من عرفوه، ليؤكد أن حضور والده ما يزال حاضرًا في القلب رغم الغياب.
وتاليًا رثاء الصديق ثائر الرقاد لوالده كما وصل سرايا:-
رحل والدي، لكن حضوره لم يرحل. ما زالت صورته تسكن تفاصيل حياتي، في بشاشته، في رجولته، في حكمته التي تختصر الكلام الكثير، وفي هدوئه ووقاره الذي يخفي وراءه عُمقَ الرجال الذين بُنيت البلاد على أكتافهم.
كان والدي ـ رحمه الله ـ من أولئك الرجال الذين لا يمرّون في حياة الناس مرور العابرين؛ بل يتركون أثراً يشبه الغرس الطيب، ثابتاً، نبيلاً، يتوارثه من عرفوه كما تُورَّث القيم الأصيلة. لم يكن كبيراً بعمره، بل كبيراً بأخلاقه، بخياراته، وبكلمته التي لا تُكسر، ويده التي لا ترد خائبا.
ورثنا عنه معنى الوقار؛ ذلك الهدوء الذي يُشبه الطمأنينة، لا يتكلّم إلا حين ينبغي، ولا يرفع صوته إلا للحق. كان صلباً دون قسوة، ورحيماً دون ضعف، وحازماً دون أن يفقد دفءَ الأبوة.
تعلمنا منه أن العهد لا يُنقض، وأن الكرامة لا تقبل المساومة. كان إذا وعد أوفى، وإذا أعطى أكرم، وإذا حضر عُرف، وإذا غاب ذُكر… رجلٌ لا يحتاج إلى أن يُعرَّف؛ يكفي أن اقول هو والدي، فيفهم الناس الباقي.
لم يكن فقط أباً لبيته، بل سنداً لكثيرين. يسأل عن البعيد قبل القريب، ويصل رحمه، ويقف مع الناس بقدر ما يستطيع وأكثر مما يستطيع. كان من الذين يرقبون الخلافات ليطفئوها، ويشهدون الأفراح ليباركوا، ويقفون في الملمات ليخففوا. هيبته لم تكن بهيبة المنصب، بل بهيبة القلب النظيف والسيرة البيضاء.
أفتقده كل يوم… في الدعاء، في التوجيه، في تلك النظرة التي كانت تختصر المحبة والرضا. وأعرف أن الرحيل سنة الحياة، لكن غياب الأب فراغٌ لا يملؤه إلا الصبر والدعاء. أحب أن أصدّق أنه يسمع دعائي، وأنه يشعر ببرّي له، وأن كل خير أفعله يصل إليه نوراً في قبره.
يا والدي، كنتَ لنا سقفاً من الأمان، وظهراً لا ينكسر، واسمًا يُرفع الرأس به. رحلتَ بجسدك، لكن سيرتك بقيت، وخصالك باقية، وحبّك باقٍ لا ينطفئ.
أسأل الله أن يجعل قبرك روضة من رياض الجنة، وأن يكتب لك من الخير ما يليق بمن كان خيراً لنا ولمن حوله.
وإن كان الموت قد أخذك، فإن الدعاء لن يغيب، والذكر لن ينقطع.
| 1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
16-11-2025 09:09 AM
سرايا |
| لا يوجد تعليقات | ||