حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الإثنين ,10 نوفمبر, 2025 م
طباعة
  • المشاهدات: 4685

نادية سعدالدين تكتب: نموذج "لبنان في غزة" .. مسعى "نتنياهو" اليائس!

نادية سعدالدين تكتب: نموذج "لبنان في غزة" .. مسعى "نتنياهو" اليائس!

نادية سعدالدين تكتب: نموذج "لبنان في غزة" ..  مسعى "نتنياهو" اليائس!

10-11-2025 08:27 AM

تعديل حجم الخط:

بقلم : نادية سعدالدين
يريد «نتنياهو» تطبيق النموذج اللبناني على قطاع غزة، بتحويل اتفاق وقف إطلاق النار الهش إلى ورقة أمنية وسياسية ضاغطة لإطلاق يد الاحتلال الطولى ضمن ساحته، بدون أن يصد عدوانه أي عائق، مما يُبقي التوتر قائماً بعيداً عن بلوغ حافة المواجهة الشاملة، في إطار مساعيه اليائسة لرسم مشهد مُغاير من حرب الإبادة الصهيونية، أو هكذا هو يتخيل.

إن الهم الأول بالنسبة لنتنياهو هو إطلاق سراح الأسرى لتخفيف عبء الضغوط الداخلية عنه، ومن ثم قد يعود مجدداً عقب إغلاق الملف إلى نهج المماطلة والمراوغة حول قضايا رئيسة، مثل إتمام الانسحاب الكامل من قطاع غزة وإنهاء الحرب بلا رجعة. ولأن نكث العهود وخرق الاتفاقيات من طبيعة الكيان الصهيوني، فليس مستغرباً انقلابه على الاتفاق، أسوة بنقض التزاماته الواردة في اتفاق «أوسلو» (1993) وملحقاته.
ولا يعد التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى حلاً نهائياً في غزة لاستتباب التهدئة والاستقرار، وفق الخطاب الأميركي – الصهيوني، لأن خطة الرئيس «ترامب» تتضمن بنوداً مُعقدة وشائكة لن تمضي بسهولة. وحين تتم مقاربة مطالب «نتنياهو» بنزع سلاح المقاومة الفلسطينية، وهي عبارة لم ترد صراحة في الخطة الأميركية ذات الـ20 بنداً، فإن احتمال عودة الاحتلال للتصعيد، سواء أكان محدوداً أم واسع النطاق، بعد إغلاق ملف الأسرى، يبقى قائماً.
يجد «نتنياهو» الفرصة مواتية للتخلص من سلاح المقاومة الذي أنتج الاتفاق، وأسقط أهداف المشروع الصهيوني من حرب الإبادة ضد قطاع غزة، وتصدى لمخطط تهجير الفلسطينيين، وأحبط مزاعم رئيس الحكومة المتطرفة بالإنجازات، على غرار الادعاء بتسليم الأسرى دون قيد أو شرط، وهو أمر لم يتحقق إلا من خلال «الصفقة». وعندما يقف سلاح المقاومة الصلب إلى جانب الصمود الأسطوري للشعب الفلسطيني، فإن التكلفة تضحى أكثر إيلاماً بالنسبة للكيان الصهيوني.
إلا أن الأكثر خطورة يتمثل في مساعي «نتنياهو» لتثبيت ما يسمى «الخط الأصفر» الذي يقسم القطاع إلى شطرين، قسم منهما يخضع لسيطرة الاحتلال، بما يسمح ببقاء جيشه أطول مدة ممكنة، ويُكرس تقسيم قطاع غزة عن الضفة الغربية لجهة تيسير ضمها للكيان الصهيوني، مما يجعل اتفاق وقف إطلاق النار بالنسبة إليه مجرد هُدنة مؤقتة لكسب الوقت، ولا يقترب من التسوية السياسية، مثلما لا يشكل إطاراً لسلام طويل الأمد في المنطقة.
إن هناك فرقاً كبيراً بين مفهومي التسوية والسلام. فالتسوية قد تتم في ظل خلل في موازين القوة حين يتمكن طرف من فرض معظم شروطه، لكن التسوية المفروضة بالقوة ليست قابلة للدوام وتصبح مُعرضة للانهيار بمجرد تغير الموازين التي أفرزتها. أما السلام فلا يتحقق إلا بإزالة أسباب الصراع أو القبول الطوعي لحل وسط يأخذ في الاعتبار حقوق ومصالح جميع الأطراف ويوفق بينها على نحو مُبتكر.
وفي عهد «نتنياهو»؛ فإن احتمالات التسوية لم تعد واردة، مقابل اتفاقات جزئية لن تفضي إلى وضع حد للصراع العربي - الصهيوني، وإنما ستعمل فقط على تغيير نمط تفاعلاته وإدارته بوسائل وأساليب أخرى. فالفجوة ما تزال كبيرة بين شروط الحد الأدنى للتسوية المقبولة فلسطينياً وعربياً على الصعيد الرسمي، والتسوية كما يريدها الكيان الصهيوني أو كما يتصور أنه قادر على فرضها، في ظل موازين القوى الحالية التي لن تلزمه بالتخلي عن «لاءات» الانسحاب إلى حدود الرابع من حزيران عام 1967 وتقسيم القدس وحق العودة وإزالة الاستيطان، ليس فقط بسبب المنطلقات الفكرية والمرتكزات الصهيونية التي يقوم عليها، وإنما، أيضاً، لأن القبول بها يحمل نُذر نهايته.
إن حل الصراع لن يتحقق في ظل الصهيونية بتقاليدها التاريخية الرئيسية، حيث ما يزال جوهره يدور حول الحقوق العربية المشروعة في الأراضي العربية المحتلة وأسس السلام العادل والشامل والدائم، والتي لن تحققها الاتفاقيات الجزئية.
وفي ظل مساعي الاحتلال لتكرار نموذج لبنان في غزة واختزال اتفاق وقف إطلاق النار ضمن تبادل الأسرى فقط، حتى يبقى أقل من تسوية وأبعد كثيراً عن إطار سياسي للسلام؛ فإن الرد الطبيعي الناجع يتمثل في صمود الشعب الفلسطيني وصلابة المقاومة، وسط تعزيز الدعم العربي الإسلامي خارج نطاق المواقف التضامنية، ومُساندة أحرار العالم. وبدون ذلك، فلا رادع للمشروع الصهيوني التوسعي في المنطقة.











طباعة
  • المشاهدات: 4685
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
10-11-2025 08:27 AM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
برأيك، هل تنتقل المعارك والمواجهات إلى الضفة الغربية بعد توقف الحرب بين "إسرائيل" وحماس في غزة؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم