سرايا - تبدو أزمة نقص الرقائق الإلكترونية التي هددت قطاع السيارات في أوروبا في طريقها إلى الانفراج.


فبعد أن توصل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ونظيره الصيني شي جين بينغ إلى اتفاق جديد يهدف إلى استعادة تدفق هذه المكونات الحيوية من الصين إلى الأسواق الأوروبية، تبدو المفاوضات بين الجانب الأوروبي والصيني وقد شارفت على الانتهاء الإيجابي.

وذكر تقرير نشرته صحيفة "الغارديان" البريطانية إن الأزمة كانت اندلعت في نهاية سبتمبر/أيلول الماضي عندما استحوذت الحكومة الهولندية على شركة "نيبكسيريا" (Nexperia)، المتخصصة في صناعة أشباه الموصلات، إثر مخاوف أمنية أمريكية تتعلق بمالكها الصيني "وينغتك" (Wingtech). وردّت بكين على هذه الخطوة بوقف جميع صادرات الشركة من مصانعها في الصين، ما تسبب في اضطراب سلاسل التوريد وهدد بإيقاف خطوط إنتاج السيارات في أوروبا واليابان.

لكن بوادر الانفراج ظهرت قبل أيام، إذ أكدت وزارة الاقتصاد الهولندية أن المفاوضات مع الصين شارفت على الحل، مع إشارات إلى تخفيف تدريجي للحظر الصيني على تصدير الرقائق. وقال وزير الاقتصاد الهولندي، فنسنت كاريمانز، إن بلاده تتوقع وصول شحنات جديدة من رقائق نيبكسيريا إلى العملاء في أوروبا وبقية العالم خلال الأيام المقبلة.

ويأتي هذا التطور بعد أن وافقت واشنطن، في إطار صفقة ترامب-شي التي أبرمت في كوريا الجنوبية الأسبوع الماضي، على تأجيل تطبيق "قانون الشركات التابعة" لمدة عام واحد، والذي يفرض قيودًا على صادرات الشركات الصينية إلى الولايات المتحدة. وفي المقابل، ستقوم بكين بتعليق القيود المفروضة على صادرات الرقائق والمعادن النادرة الضرورية لصناعة السيارات والتكنولوجيا.

الانفراجة
وأكدت شركة Aumovio، أحد الموردين الرئيسيين لصناعة السيارات الألمانية، أنها تلقت إخطارًا رسميًا من الصين باستئناف توريد الرقائق إلى مصانعها. وقال فيليب فون هيرشهايدت، الرئيس التنفيذي للشركة، إنهم حصلوا على استثناء من قيود التصدير، «شفهيًا أولًا ثم كتابيًا في اليوم التالي»، مؤكدًا أن الإمدادات ستُستأنف قريبًا.

وفي بيانها، رحبت شركة نيبكسيريا بتعليق العمل بالقانون الأمريكي الجديد وبالتزام الصين بتسهيل استئناف الصادرات من مصانعها، لكنها حذرت في الوقت نفسه من أن بعض المخاوف لا تزال قائمة، مشيرة إلى أنها لا تستطيع تحديد موعد دقيق لوصول الشحنات من الصين.

وتعود جذور النزاع إلى المخاوف الأوروبية من نقل التقنيات الحساسة من مصنع الشركة في نايميخن الهولندية إلى الصين، بعد أن استحوذت "وينغتك" ذات الملكية الحكومية الجزئية على نيبكسيريا في عام 2018. وردًا على ذلك، فرضت الحكومة الهولندية سيطرتها المباشرة على الشركة في 30 سبتمبر /أيلول الماضي لضمان بقاء عملياتها داخل أوروبا.

ووفقًا لتقارير «بلومبرغ»، تستعد لاهاي للتخلي عن مرسوم الطوارئ الذي منحها سلطة تعطيل قرارات مجلس إدارة نيبكسيريا، بشرط أن تلتزم بكين باستئناف صادرات الرقائق الحيوية.

ويرى مراقبون أن هذه الأزمة كشفت هشاشة سلاسل التوريد العالمية في قطاع السيارات، واعتماد الشركات الأوروبية واليابانية المفرط على الصين في تأمين مكونات إلكترونية أساسية.

وقال الوزير كاريمانز إن حكومته تلقت تأكيدات من بكين وواشنطن بأن الاتفاق الأخير سيسمح باستئناف الإمدادات من مصانع نيبكسيريا في الصين، مضيفًا أن ذلك يتماشى مع المعلومات التي زودت بها وزارة التجارة الصينية المفوضية الأوروبية.

وبينما يُنظر إلى الاتفاق على أنه خطوة لتهدئة التوترات التجارية بين القوى الثلاث، فإنه يعكس في الوقت نفسه مدى تشابك السياسة بالتكنولوجيا في الاقتصاد العالمي الحديث.