حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الخميس ,6 نوفمبر, 2025 م
طباعة
  • المشاهدات: 1660

ذكرى صالح تكتب: لماذا نحن متخلفون الآن ؟

ذكرى صالح تكتب: لماذا نحن متخلفون الآن ؟

ذكرى صالح تكتب: لماذا نحن متخلفون الآن ؟

05-11-2025 01:36 PM

تعديل حجم الخط:

بقلم : ذكرى صالح
نحن أمةٌ تُنفق طاقتها في تمجيد ما كان أكثر مما تستثمرها في بناء ما يكون.
نعيش على أطلال التاريخ، ونقيس مجدنا بما مضى لا بما تحقق في الحاضر.
نتباهى بأننا كنا في الأندلس، لكننا نغفل عن سؤالٍ أهم: ماذا صنعنا بعدها؟
لقد تحوّل التاريخ في وعينا من منارةٍ تهدي الطريق إلى وسادةٍ نرتاح فوقها ونبرّر بها الركود.
المشكلة ليست في أننا تراجعنا بعد تقدّم، بل في طريقة تفكيرٍ تبحث عن عزاءٍ في الماضي بدل أن تبحث عن معنىً في الحاضر.
نبكي على الأمجاد الضائعة بدل أن نصنع مجدًا جديدًا، ونستعير المجد من الذاكرة لأننا فقدنا الشجاعة على ابتداعه من الواقع.
وأيّ أمةٍ تبكي على أطلالها أكثر مما تبني حاضرها، إنما تحكم على نفسها بالموت البطيء.

الأخلاق بين الشعار والممارسة
الأخلاق ليست امتيازًا لدينٍ أو ثقافةٍ بعينها، بل هي ثمرة الوعي الإنساني المتراكم عبر التاريخ.
جاءت الأديان لتنظّم هذا الوعي وتمنحه إطارًا، لكنها لم تُنشئه من العدم.
ومع ذلك، نحن أكثر من يرفع راية الأخلاق، وأقل من يطبّقها في الحياة اليومية.
نردّد النصوص التي تُحرِّم الكذب والغش والفساد، بينما نسب الفساد لدينا من الأعلى عالميًا.
نستنكر الظلم ونمارسه، نُدين الكذب ونحن نغذّيه، ونبرّر الخطأ حين يخدم مصالحنا.
في المقابل، هناك مجتمعات لا ترفع شعارًا دينيًا، لكنها تجسّد الأخلاق ببساطةٍ وصدق.
الكلمة عندهم التزام، والصدق قيمة اجتماعية لا زينة خطاب.
لا يسرقون لأنهم يدركون أن السرقة تُهين الإنسان قبل أن تُخالف القانون.
لديهم أنظمة عادلة لأنهم احترموا الإنسان قبل أن يطالبوا باحترام الإله.

الخوف من السؤال، جذور التخلف
جذور أزمتنا لا تكمن في السلوك وحده، بل في البنية الفكرية والاجتماعية. نحن لا نفتقر إلى الإجابات بقدر ما نخاف طرح الأسئلة. نخشى التفكير الحر، ونقدّس الجهل إذا جاء مزيّنًا بعمامة أو مرفوعًا على منبر. نحلم بالأوطان ولا نبنيها، نطالب بالحرية ولا نمارسها، نكتب عن الشهداء ولا نسير على خُطاهم.
وحين نغرق في القاع، نحفر فيه حفرةً ونسميها وطنًا، ثم نتجادل حول من يحق له الجلوس في الزاوية الأعلى.

حين يصبح التخلف مريحًا
الأسوأ من التخلف ذاته أنه أصبح مريحًا.
لم نعد نغضب، ولا نرفض، ولا نرتجف أمام الظلم أو الموت.
تحوّل الخوف إلى عقيدة، واللامبالاة إلى ثقافة، والتعايش مع القبح إلى أسلوب حياة.
صرنا نحيا في زمن الهزيمة، لكننا نراه طبيعيًا لا يستحق المقاومة.
نخاف أن نسأل، نخاف أن نحلم، نخاف أن نُغيّر.

بداية النهضة: إحياء الضمير قبل التاريخ
الطريق إلى النهضة لا يبدأ بإحياء الماضي، بل بإحياء الضمير.
أن نعيد للصدق قيمته، وللعقل مكانته، وللغضب الشريف حقه.
أن نتعلّم من الأمم لا لنقلّدها، بل لندرك كيف صنعت من الفكر منهجًا، ومن العمل إيمانًا.
وحين نمتلك الشجاعة لمواجهة أنفسنا، والاعتراف بأخطائنا، واحترام الإنسان لكونه إنسانًا،
عندها فقط نستطيع أن نقول بثقة:
لم نعد نسأل “لماذا نحن متخلفون؟” لأننا بدأنا نجيب، بالفعل لا بالكلام.








طباعة
  • المشاهدات: 1660
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
05-11-2025 01:36 PM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
برأيك، هل تنتقل المعارك والمواجهات إلى الضفة الغربية بعد توقف الحرب بين "إسرائيل" وحماس في غزة؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم