حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الخميس ,6 نوفمبر, 2025 م
طباعة
  • المشاهدات: 2578

الشديفات يكتب: الحلقة المفقودة في التحول الرقمي في الأردن

الشديفات يكتب: الحلقة المفقودة في التحول الرقمي في الأردن

 الشديفات يكتب: الحلقة المفقودة في التحول الرقمي في الأردن

05-11-2025 01:34 PM

تعديل حجم الخط:

بقلم : م. أحمد يوسف الشديفات
التحول الرقمي ليس مجرد إدخال أجهزة حاسوب أو تصميم بوابات إلكترونية؛ بل هو إعادة هندسة شاملة للإجراءات الحكومية لتصبح مترابطة، فعّالة، ومتمحورة حول المواطن.
لكن الواقع العملي يكشف أن ما نعيشه اليوم في عدد من المؤسسات الأردنية هو "رقمنة جزئية"، وليست منظومة رقمية متكاملة. والنتيجة أن المواطن ما زال يعيش بين عالمين: إلكتروني في البداية، وورقي في النهاية.
تجربتي الأخيرة في أحد المراكز الصحية مثال بسيط على هذه الحلقة المفقودة. فالتسجيل كان إلكترونيًا، والطبيب استخدم النظام لتشخيص الحالة ووصف العلاج، وكل شيء بدا مثالياً حتى تلك اللحظة.
لكن عند صرف الدواء، اصطدمت المنظومة بحدودها القديمة: طابور لتسعير الدواء، آخر للدفع "نقدًا"، وثالث لاستلام العلاج. ثم عند طلب إجازة مرضية، كان لا بد من إحضار نموذج ورقي مختوم من جهة العمل الحكومية، وكأن النظام الإلكتروني لم يُخلق بعد.

الأمر لا يتوقف هنا، فالكثير من المؤسسات الأخرى تطلب كشفًا من الضمان الاجتماعي أو صورة مصدّقة عن شهادة الثانوية العامة أو الجامعة، فيجد المواطن نفسه في كل مرة مضطرًا لإثبات أنه نفس الشخص، وأنه بالفعل خريج الجامعة ذاتها التي قدّم شهادتها عشرات المرات من قبل.

هذه ليست مشكلات تقنية بقدر ما هي فجوات في التفكير المؤسسي وفي إدارة التغيير. فالحكومة الإلكترونية ليست “واجهة رقمية” بل منظومة مترابطة من السياسات، والأنظمة، والتكامل بين المؤسسات. التحول الرقمي الحقيقي يتطلب إزالة الحواجز بين الجهات الحكومية، وربط البيانات والموافقات ضمن مسار خدمة واحد من البداية إلى النهاية.

لذلك فإن من الزوايا المهمة التي يجب التوقف عندها أن التحول الرقمي لا يمكن أن ينجح ما لم يمتلك المدراء وصناع القرار في المؤسسات الحكومية الحد الأدنى من الثقافة التقنية والفهم الرقمي. فلا يكفي أن تُكلَّف إدارة تكنولوجيا المعلومات وحدها بقيادة هذا التغيير، لأن دورها يقتصر على التنفيذ الفني، بينما القرار الحقيقي يتخذ في المستويات الإدارية العليا.
حين يفتقر المدير العام أو صاحب القرار إلى الفهم التقني، تصبح المشاريع الرقمية مجرد "تحسينات تجميلية" لا تمس جوهر الإجراءات. أما عندما يمتلك القائد الإداري رؤية تقنية واعية، فإنه يستطيع توجيه الجهود نحو تكامل الأنظمة، تبسيط الخدمات، وتغيير الثقافة المؤسسية، لتصبح التكنولوجيا جزءًا من التفكير اليومي لا مجرد أداة تنفيذية.

التحول الرقمي في الأردن قطع شوطًا مهمًا من حيث البنية التحتية والأنظمة، لكن الحلقة المفقودة لا تزال هي إعادة هندسة الإجراءات، أي أن نعيد تصميم الخدمة من الصفر لتكون رقمية بالكامل، لا أن نضيف طبقة إلكترونية فوق إجراء ورقي قديم.
فما لم يُستكمل هذا الربط، ستبقى الحكومة الإلكترونية عندنا "سريعة في البداية... بطيئة في النهاية".











طباعة
  • المشاهدات: 2578
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
05-11-2025 01:34 PM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
برأيك، هل تنتقل المعارك والمواجهات إلى الضفة الغربية بعد توقف الحرب بين "إسرائيل" وحماس في غزة؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم