05-11-2025 10:21 AM
بقلم : د. دانييلا القرعان
منذ تولّي جلالة الملك عبدالله الثاني مقاليد الحكم، لم يتوقف عن حمل همّ الأمة وقضاياها في مقدمتها القضية الفلسطينية والدفاع عن أمن واستقرار المنطقة وسط بحارٍ مضطربٍة من الأزمات. فلقد جعل جلالته من الأردن صوتاً وموقفاً مسموعاً في المحفل الدولي حتى صار حضوره في الملفات الإقليمية والدولية عنواناً للاتزان والاعتدال والمسؤولية.
هذا الانشغال الكبير في الشأن الخارجي ـ وهو مبرّر وضروري ـ جاء بعض الأحيان على حساب المتابعة اليومية الدقيقة لتفاصيل الداخل الذي يرزح تحت أعباء اقتصادية متزايدة وضغوط معيشة أنهكت الطبقة الفقيرة والوسطى، فالمواطن اليوم يعيش بين همّ الأسعار والضرائب المتلاحقة وبين شعورٍ متنامٍ أن القرارات الحكومية لا تراعي تماماً واقعه الصعب.
الحكومة، بطبيعتها التنفيذية، قد تميل بعض الأحيان إلى تغليب البعد المالي على البعد الاجتماعي، وإلى اتخاذ قراراتٍ تهدف إلى تعزيز الخزينة، لكنها تترك أثرًا قاسيًا على الناس. وهنا، تحديدًا، يبرز الدور الملكي كـ حَكَمٍ عادلٍ بين الشعب والحكومة، وصوتٍ يعيد التوازن إلى المعادلة الوطنية حين تميل الكفّة.
ولأن الأردنيين خبروا عبر العقود أن توجيهات الملك هي صمّام الأمان، فإنهم اليوم يتطلعون إلى مرحلة جديدة من التوازن بين الشأنين الداخلي والخارجي، القضايا الكبرى التي يخوضها الأردن خارجيًا لا تقلّ أهمية عن وجع المواطن اليومي، لكن الاهتمام بالإنسان الأردني هو أساس استقرار الدولة وعماد شرعيتها.
من هنا ينظر كثيرون إلى زيارة جلالة الملك الأخيرة إلى محافظة الكرك باعتبارها فاتحة خيرٍ لعودة الحضور الملكي الميداني إلى باقي المحافظات، واستماع مباشر إلى الناس واحتكاك حقيقي بمعاناتهم. فحين يشعر المواطن أن قائده قريبٌ منه، وأن همّه يُسمع ويُقدّر، تخفّ الأوجاع وتُستعاد الثقة بين المواطن والدولة.
لقد أثبتت التجربة أن كلمة الملك في الشأن الداخلي كفيلة بتعديل المسار وتصويب الاتجاه، لأنها تأتي دائمًا منحازة للناس وعدالتهم وكرامتهم. واليوم، وأكثر من أي وقت مضى، يحتاج الأردنيون أن تمتد رعاية جلالته من الإقليم إلى البيت الأردني، لتوازي بين حضورٍ سياسيٍّ مشرّف في الخارج، ودفءٍ قياديٍّ يلامس حاجات الداخل.
إنّ مصلحة الوطن، في نهاية المطاف، تُبنى على توازنٍ حكيمٍ بين أمنه الإقليمي واستقراره الاجتماعي، وبين كرامة المواطن وكرامة الدولة. والأمل كبير أن تكون المرحلة المقبلة عنوانًا لهذا التوازن، وأن يظلّ جلالة الملك حفظه الله، وكما عهدناه، الأقرب إلى نبض شعبه والأقدر على جبر خواطرهم بحكمةٍ وحنانٍ هاشميٍّ لا ينسى أحد. والله الموفق.
.
| 1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
05-11-2025 10:21 AM
سرايا |
| لا يوجد تعليقات | ||