04-11-2025 04:14 PM
بقلم : رولا المغربي
خلال إجازة عائلية في أحد فنادق البحر الميت، لفت نظري وجود مجموعات سياحية ممّن يُطلق عليهم "عرب الـ48".
للحظة راودني سؤال: لماذا لم يُطلق عليهم "مواطنو الـ48"؟
لماذا كلمة عرب؟ أهي رغبة في إثبات الهوية؟ أم من باب التمييز العنصري؟ أم من باب التفرقة والتحيّز؟ أم من باب الاستفزاز السياسي؟
يبدو أن للسياسة مدلولها في التسميات، إذ يُراد منها الإيحاء بالهوية والانتماء! فمن الذي أطلق عليهم هذا اللفظ؟ وماذا كان يقصد؟ وهل رحّبوا بالمصطلح أم أنه يزعجهم؟
عرب ما يُعرف بالـ48 هم العرب الذين بقوا في أراضيهم داخل فلسطين بعد نكبة عام 1948.
فعندما احتلت إسرائيل فلسطين عام 1948، تهجّر ما يقارب 750 ألف فلسطيني، بينما بقي نحو 150 ألف فلسطيني في مدنهم وقراهم داخل الأراضي التي أصبحت تُعرف لاحقاً باسم إسرائيل.
يعيش أغلبهم في:
الجليل (الناصرة، عرابة، مجد الكروم...)
المثلث (أم الفحم، طولكرم...)
الساحل (عكا، حيفا، يافا، الرملة، اللد...)
هؤلاء فلسطينيون وعرب أقحاح، لكنهم يعيشون داخل حدود الدولة الجديدة بنظامها وقوانينها وهويتها.
فُرض عليهم واقع جديد بهويات جديدة، ومنحتهم إسرائيل جوازات سفر وهوية إسرائيلية، في محاولة لإظهارهم أمام العالم كمواطنين متساوين في الحقوق مع اليهود، لكن الواقع مختلف تماماً.
فالتمييز ضدهم واضح وكبير في جميع المجالات: الصحية، التعليمية، الوظيفية، الاقتصادية، وتخطيط المدن، وأعظمها في الحقوق السياسية.
العرب في هذه المناطق يعتبرون مواطنتهم مفروضة عليهم، وباختصار: هم يعيشون صراع هوية.
ولذلك يفضّلون تسميتهم بـ "فلسطينيو الـ48" أو "فلسطينيو أراضي الـ48"، ولا يحبون وصفهم بـ "عرب الـ48".
عادةً ما يلجأ الإعلام الإسرائيلي إلى وصفهم بـ "المواطنين العرب في إسرائيل"، للإيحاء بأنهم جزء من دولة موحّدة بلا تمييز قومي، في حين أن مصطلح "مواطني الـ48" يحمل طابعاً سياسياً أكثر إسرائيلية، لما فيه من اعتراف ضمني بالدولة الإسرائيلية كمصدر للهوية والانتماء.
قادني الفضول السياسي للسؤال إن كان مصطلح عرب الـ48 يريحهم أم يزعجهم.
فدار حديث بيني وبين إحدى السائحات أكدت أنهم مجبَرون على حمل تلك الهويات والجوازات، إلى درجة أنهم يُخفونها أثناء الترحال لشعورهم بعدم الانتماء إليها.
لكن ما يتعمد الإعلام إغفاله هو ذلك الشعور الوجداني بالرفض للاحتلال وممارساته.
فالحرب على غزة زادت الفجوة بين المجتمعين، إذ يُمنع عليهم التعبير عن غضبهم لما يحدث في غزة، ويُمنع عليهم الحديث بالعربية أثناء العمل، إذ يُفرض عليهم التحدث بالعبرية التي يتقنونها كما يتقنون العربية، حيث تُدرّس العبرية في المدارس العربية كمادة إجبارية، بينما يتعلم الإسرائيليون العربية الفصحى والعامية على حد سواء.
ومهما عاش العرب في دوامة الهويات، سيبقى الانتماء الوجداني عربياً عربياً عربياً.
ومهما حاول الاحتلال لملمة الهويات التي كُتب عليها: الجنسية الإسرائيلية، فلن يستطيع شراء الانتماء، لأن الأرض عربية عربية عربية.
تحاول إسرائيل افتعال زعزعات جيوسياسية، لكن بقاء فلسطينيي الـ48 هو الضمان الوحيد لفشل تلك الزعزعات.
فالأرض عربية، والمواطنون هم فلسطينيو الـ48.
فضفضات المساء
رولا المغربي
| 1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
04-11-2025 04:14 PM
سرايا |
| لا يوجد تعليقات | ||