حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الأربعاء ,5 نوفمبر, 2025 م
طباعة
  • المشاهدات: 2583

م. صلاح طه عبيدات يكتب: لواء بني كنانة .. حين يغيب الصوت البرلماني ويضيع نصيب التنمية

م. صلاح طه عبيدات يكتب: لواء بني كنانة .. حين يغيب الصوت البرلماني ويضيع نصيب التنمية

م. صلاح طه عبيدات يكتب: لواء بني كنانة ..  حين يغيب الصوت البرلماني ويضيع نصيب التنمية

04-11-2025 01:32 PM

تعديل حجم الخط:

بقلم : م. صلاح طه عبيدات
في شمال الأردن، عند التخوم التي تلامس فلسطين وسوريا، يقف لواء بني كنانة شامخًا بتاريخِه وموقعه الاستراتيجي، ومنغمسًا في تفاصيل الوطن وهمومه. ومع ذلك، يبدو هذا اللواء اليوم وكأنه يتوارى خلف ضبابٍ كثيف من التهميش السياسي والإنمائي، بعد أن غاب عنه التمثيل البرلماني الحقيقي في مجلس النواب، ليجد نفسه أمام سؤال وجوديٍّ ووطنيٍّ في آنٍ واحد: من يتحدث باسمنا؟ ومن يدافع عن نصيبنا من موازنة عام 2026؟

يبلغ عدد سكان اللواء أكثر من 160 ألف نسمة — لا 16 ألفًا كما يخطئ البعض في ذكره — ينتشرون في قرى وبلدات تشكّل فسيفساء من الانتماء الوطني والطاقات البشرية المتوثبة. ومع ذلك، فإن غياب ممثلي اللواء عن مجلس النواب ترك فراغًا مؤلمًا في قناة الاتصال بين الدولة والمواطنين، وأضعف القدرة على إيصال المطالب التنموية، وعلى متابعة مخصصات اللواء من المشاريع والخدمات ضمن الموازنة العامة.

ففي الوقت الذي تتسابق فيه الألوية الأخرى على نيل حصصها من المشاريع الرأسمالية، والبنى التحتية، ودعم المؤسسات التعليمية والصحية، يبدو لواء بني كنانة وكأنه خارج المشهد المالي للدولة، بلا صوتٍ يراقب، ولا يدٍ تفاوض، ولا ضميرٍ نيابي يذكّر الحكومة بأن العدالة التنموية لا تُقاس بعدد المقاعد بل بصدق التمثيل.

لا شك أن الحكومة تتحمل مسؤولية كبرى في هذا التهميش غير المعلن، سواء من خلال آليات تقسيم الدوائر الانتخابية التي حرمت اللواء من تمثيل عادل، أو من خلال غياب سياسات واضحة لدمج المناطق الحدودية ضمن أولويات التنمية الوطنية. إن بني كنانة ليست مجرد منطقة جغرافية على الخريطة؛ إنها سياجٌ وطنيٌّ متقدم، وشريان أمنيٌّ واقتصاديٌّ وإنسانيٌّ للدولة الأردنية.

لقد كان الأمل أن يجد أبناؤه من يعبّر عنهم تحت قبة البرلمان، من يعرف تفاصيل احتياجاتهم، من يدافع عن مدارسهم ومراكزهم الصحية، عن طرقهم الزراعية ومؤسساتهم الإنتاجية. لكن الواقع السياسي أفرز فراغًا تمثيليًا جعل اللواء في موقع المتفرج على موازنات لا يعرف كيف صيغت ولا إلى أين تتجه بنودها.

إن غياب نواب حقيقيين من رحم المنطقة، أقرب إلى نبض الناس من أضواء العاصمة، لا يعني فقط غياب صوتٍ سياسي، بل هو تغييبٌ متعمد لحقٍّ دستوريٍّ في المشاركة والمساءلة، وانعكاسٌ لمشكلة أعمق في العدالة التمثيلية.

لقد آن الأوان أن يُعاد النظر في آلية توزيع المقاعد النيابية، وأن يُستعاد صوت بني كنانة في مؤسسات القرار، ليس كمنّةٍ انتخابية، بل كواجب وطني يعيد التوازن إلى الخريطة البرلمانية، ويضمن أن تصل التنمية إلى الأطراف لا عبر البيانات، بل عبر الموازنات.

أما الحكومة، فمطلوب منها أن تتوقف عن التعامل مع الأطراف وكأنها هامشٌ إداريٌّ أو عبءٌ على الخزينة.
فلواء بني كنانة لا ينتظر وعودًا موسمية ولا زيارات بروتوكولية، بل ينتظر اعترافًا سياسيًا صادقًا بأن التهميش لم يعد مقبولًا في وطنٍ يريد أن يبقى موحدًا وعادلًا في عطائه.
فالسكوت عن غياب صوت هذا اللواء هو سكوت عن جزء من صوت الوطن نفسه، ومن يختزل الأطراف في الصمت إنما يغامر باستقرار المعادلة الوطنية كلها.

بني كنانة ليست صامتة، لكنها أُختارت الصمت لعل من يسمع ويرهف السمع.
وصوتها لن يعود إلا حين تدرك الدولة والحكومة معا أن الحدود لا تُحمى فقط بالسلاح، بل بالعدالة السياسية والتنمية العادلة.











طباعة
  • المشاهدات: 2583
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
04-11-2025 01:32 PM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
برأيك، هل تنتقل المعارك والمواجهات إلى الضفة الغربية بعد توقف الحرب بين "إسرائيل" وحماس في غزة؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم