حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الخميس ,6 نوفمبر, 2025 م
طباعة
  • المشاهدات: 1555

نوفل يكتب: مشروع قانون الإعدام في إسرائيل: تشريع للانتقام واستهداف للفلسطينيين

نوفل يكتب: مشروع قانون الإعدام في إسرائيل: تشريع للانتقام واستهداف للفلسطينيين

نوفل يكتب: مشروع قانون الإعدام في إسرائيل: تشريع للانتقام واستهداف للفلسطينيين

04-11-2025 12:08 PM

تعديل حجم الخط:

بقلم : الصيدلي عدوان قشمر نوفل
منذ عقودٍ طويلة، تسعى إسرائيل إلى تغليف ممارساتها ضد الفلسطينيين برداءٍ قانوني يبرر القمع والاغتيال والاعتقال الجماعي. لكن ما أقدمت عليه حكومة نتنياهو اليمينية في نوفمبر 2025 تجاوز كل الحدود، إذ صادق الكنيست في القراءة الأولى على مشروع قانون يتيح تطبيق عقوبة الإعدام على من يُتهمون بتنفيذ عمليات ضد الإسرائيليين.
يقدم المشروع على أنه خطوة “عدلية” لحماية الأمن القومي، غير أن المتتبع لتفاصيله يدرك أنه موجه حصريًا ضد الفلسطينيين، وأنه محاولة سياسية لتكريس الانتقام في صورة قانون.

المشروع أعده وزير الأمن القومي المتطرف إيتمار بن غفير، بالتعاون مع عضو الكنيست ليمور سون – ملك، ويدعمٍ علني من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، الذي أعلن في جلسة الكنيست أن “الوقت قد حان لتحقيق العدالة”.
لكن أي عدالة تلك التي تمارس بالتمييز، وأي قانون يسن ليقتل فئة واحدة من البشر دون غيرها؟

أولاً: بن غفير ونتنياهو – وحدة على طريق الدم
تجمعت مصالح السياسيين اليمينيين في إسرائيل عند هدف واحد: تحويل الغضب الشعبي إلى قانون يرضي غرائز الانتقام.
فبعد تصاعد العمليات الفلسطينية خلال الأعوام الأخيرة، وتراجع هيبة الجيش الإسرائيلي في غزة والضفة، وجد نتنياهو نفسه أمام ضغط داخلي من التيارات الدينية والقومية تطالبه “بإظهار الحزم”. فجاء هذا المشروع استجابة لذلك الغضب، لا بدافع العدالة بل بدافع الشعبوية.
لكن القانون لم يأت على ذكر المستوطنين الذين ارتكبوا جرائم قتل بحق فلسطينيين أبرياء، ما يكشف ازدواجية المعايير والتمييز العرقي الصريح الذي تحاول إسرائيل تغليفه بمصطلحات “الأمن”.

ثانياً: تاريخ الإعدام في إسرائيل – من التجميد إلى الإحياء السياسي

منذ تأسيس الكيان عام 1948، لم تنفّذ إسرائيل عقوبة الإعدام إلا مرةً واحدة، وكانت بحق النازي أدولف آيخمان عام 1962، وهو أحد مهندسي المحرقة. ومنذ ذلك الحين، تجنبت الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة تنفيذ الإعدام حتى بحق قتلة إسرائيليين، تحت ضغطٍ دوليٍ وحقوقيٍ كبير.

إلا أنّ صعود التيار الديني القومي في العقدين الأخيرين أعاد طرح الفكرة، لا كعقوبةٍ جنائية، بل كأداةٍ سياسية ضد الفلسطينيين.
ففي كل مرةٍ تتصاعد فيها العمليات في الضفة أو غزة، يُعاد فتح النقاش حول “قانون الإعدام للمخربين”، وكأن الهدف الحقيقي ليس الردع، بل إعادة إنتاج الخوف والتفوق القومي اليهودي عبر القانون.
ثالثاً: القانون بأثر رجعي – العدالة المقلوبة

من أخطر ما تضمنه مشروع القانون أنه يُجيز تطبيق العقوبة بأثرٍ رجعي على من صدرت بحقهم أحكامٌ سابقة بالسجن المؤبد، أي أنه يمكن إعدام أسرى فلسطينيين قضوا سنوات طويلة في السجون.
وهذا الإجراء، الذي يتنافى مع أبسط مبادئ العدالة، يجعل من المحكمة الإسرائيلية أداة سياسية بيد الحكومة.

القانون لا يكتفي بمعاقبة الفعل، بل يسعى إلى محو الوجود الفلسطيني المقاوم من جذوره، وتحويل الأسرى إلى ورقة ضغط ومساومة في الميدان السياسي.
رابعاً: البعد الاقتصادي – حين تتحول العدالة إلى حسابات مالية

لم يخفِ بعض النواب الداعمين للمشروع البعد الاقتصادي وراءه؛ إذ أشار عدد منهم إلى أن تكاليف إبقاء الأسرى الفلسطينيين في السجون مرتفعة وتشكل عبئًا على ميزانية الدولة.
فقدّرت بعض التقارير أن الدولة تنفق ملايين الشواقل سنويًا على طعامٍ وحراسةٍ ورعايةٍ صحيةٍ لآلاف الأسرى.
ومن هنا، بدأ الخطاب يتسلل: “الإعدام أوفر من السجن المؤبد”.

وهكذا، تحوّل الإنسان إلى رقمٍ في معادلة مالية، وكأن إسرائيل تبحث عن تخفيض نفقات الاحتلال بوسائل القتل المشرعن.
في المقابل، يرى الحقوقيون أن هذا المنطق ليس فقط لاإنسانيًا، بل يُعيد العالم إلى عصورٍ كانت فيها العقوبة تُقاس بثمن الطعام والملابس لا بقيمة الحياة.

خامساً: القانون كأداة تصعيد لا ردع

الخطاب الرسمي الإسرائيلي يدّعي أن القانون يرمي إلى “الردع”، لكن الواقع يشير إلى العكس تمامًا.
إذ إن تطبيق الإعدام على الفلسطينيين وحدهم سيزيد التوتر والانتقام المتبادل، وسيدفع الأجيال الجديدة إلى مزيدٍ من التمسك بالمقاومة، لأنهم سيشعرون أن الموت ينتظرهم سواء حملوا السلاح أم لم يحملوه.

المنظمات الحقوقية الدولية، ومنها “هيومن رايتس ووتش” و“العفو الدولية”، حذّرت من أن هذا القانون قد يشكل جريمة تمييز عنصري ممنهجة ويخالف الاتفاقيات الدولية التي وقّعت عليها إسرائيل.
كما أنه سيعمّق عزلتها السياسية، خصوصًا بعد الانتقادات الأوروبية والأمريكية التي وُجّهت لها عقب حرب غزة الأخيرة.

سادساً: من الردع إلى التطهير – الوجه الحقيقي للقانون

القانون الجديد ليس مجرد نص تشريعي، بل هو بيان أيديولوجي لحكومةٍ تتبنّى عقيدة التطهير القومي.
فهو يحوّل المحكمة إلى مشنقةٍ سياسية، ويمنح السلطة صلاحية الحكم بالموت على أساس الهوية.
إنه محاولة لإكمال ما لم تستطع آلة الحرب تحقيقه في غزة والضفة: إعدام الفلسطيني قانونيًا بعد عجزها عن إبادته عسكريًا.

حين يتحول القانون إلى سلاح
بهذا المشروع، تثبت إسرائيل من جديد أن القتل بالنسبة لها ليس جريمة بل سياسة.
فبعد أن فشلت في إخضاع غزة، وبعد أن خسرت معركة الصورة أمام العالم، ها هي تلجأ إلى تشريع الموت كوسيلةٍ لاستعادة الردع المفقود.
لكن التاريخ علّمنا أن الدول التي تشرعن الانتقام تسقط في النهاية تحت وطأة ظلمها، وأن العدالة لا تُبنى بالمشانق بل بالإنصاف.
سيبقى هذا القانون شاهدًا على مرحلةٍ سوداء في مسار الكيان الإسرائيلي، حيث تلاشت الحدود بين الدولة والانتقام، وبين القانون والموت.
ولعلّ الأجيال القادمة ستذكر أنّ أول قانون للإعدام في إسرائيل لم يُوجَّه إلى المجرمين، بل إلى الفلسطينيين الذين قاوموا الاحتلال.








طباعة
  • المشاهدات: 1555
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
04-11-2025 12:08 PM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
برأيك، هل تنتقل المعارك والمواجهات إلى الضفة الغربية بعد توقف الحرب بين "إسرائيل" وحماس في غزة؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم