حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الخميس ,6 نوفمبر, 2025 م
طباعة
  • المشاهدات: 2162

الزعبي يكتب: الهويات الموجودة .. الهوية المخفيّة

الزعبي يكتب: الهويات الموجودة .. الهوية المخفيّة

الزعبي يكتب: الهويات الموجودة  ..  الهوية المخفيّة

04-11-2025 10:42 AM

تعديل حجم الخط:

بقلم : المحامي أكرم الزعبي الرئيس السابق لرابطة الكتّاب الأردنيين
كلما أُثيرت مسألة الهوية وبرزت إلى السطح قليلًا، يتلقّفها طرفان نقيضان يسعى كلٌّ منهما إلى إبراز عضلاته، وإلى الشدّ العكسي الذي يُعيدُ المسألة مرّةً أخرى إلى هوامش الخوف من نبشها والحديث فيها، أو تهميشها باعتبارها مسألة ترفية يتكفّلُ الزمنُ بمعالجتها.

الفريق الأول لا يرى في مسألة الهوية أية إشكالية، وغالبًا ما يقوم بتسخيف وتسطيح المسألة على اعتبار عدم وجودها إلّا عند فاقدي الثقة بأنفسهم، ولذلك لا يستشعرون وجودها لاستنادهم إلى هوياتٍ فرعية يظنّون أنّها هوية كُليّة، هذه الهويات الفرعية غالبًا ما تكون هوياتٍ عشائرية، أو مناطقية جغرافية، أو إيديولوجية أو إثنية دينية، وعلى حين أنّ هذه الهويّات يجب أن تنتظم في هيكل الهوية الكليّة، إلّا أنّ ما يحدث هو العكس تمامًا، فيتمّ إسقاط الهوية الفرعية على الهوية الكليّة، لتصبح الفرعية كليّة، والكليّة فرعية في خلطٍ واضح.

الفريق الثاني، الساعي لإثبات وجوده وحضوره، لا يملك هوية فرعية متماسكة – على الأغلب - يستطيع الاستناد إليها، فلا هوية عشائرية قوية، ولا مناطقية جغرافية محددة، ولا إيديولوجية أو إثنية دينية ينتمي إليها، ولذلك يرى في هيمنة الهوية الفرعية تغوّلًا واضحًا على الهوية الكليّة، ورغم أنّ الأمر صحيح نسبيًا إلّا أنّ عدم وجود هويّة فرعية يركن إلى حمايتها ودفاعها عنه وقت الحاجة، يجعلُ منه ضعيفًا غير قادرٍ على الحديث في الأمر من أساسه، ويجعل من هويّته الكليّة مستمسكه الأخير رغم إيمانه بهشاشة معتقده.

كلا الفريقين لديهما أسبابهما التي تبدو مقنعةً لكل منهما، ولدى كل منهما الاسبقيات والحوادث الكافية لتبرير سلوك كل فريق، ومع أنّ الشعور الهويّاتي فرديٌ داخلي، إلّا أنّه يرتبط بسلسلة الجمعي بطريقة أو بأخرى، ولا سبيل إلى تحقيق التوازن بين فريقي المعادلة إلّا بتعظيم المواطنة بين الجميع، وذلك لا يكون إلّا في إطار الدولة التي تجعل من الجميع سواسية تحت سقف القانون، فالولاء للوطن والشعور الثابت بالانتماء إليه هو الخطوة الأولى في بناء الهوية الكليّة.

أمّا الهويّات الفرعية فلا سبيل لإزاحتها أو تذويبها في الهويّة الكليّة، فهي هويّات ثابتة متجذّرة في كل مجتمع وفي كل مكان، لكن يظل على عاتق أصحابها تهذيب هذه الهويّات لتكون جسرًا صاعدًا لبناء الوطن، لا وسيلةً للاستقواء عليه، أو استعمالها سلاحًا كلما استدعت الحاجة إلى الانتصار إلى فردٍ من أفرادها في مواجهة الدولة أو القانون.

الهويّة الكليّة المخفيّة هي هوية الجسد الواحد والوطن الواحد، الذي يُكمِلُ بعضه بعضًا، ليظلّ الوطن نابضًا بالحياة السليمة المعافاة، وقد جاء في الحديث الشريف أنّه "مَثل المؤمنين في توادّهم وتراحمهم وتعاطفهم، كمثل الجسد الواحد"، وهذا معناه أن يكون الجميع للمفرد، والمفرد للجميع، ولكن في جسدٍ واحد يعمل بانتظامٍ على إيقاعٍ واحدٍ صحيحٍ وسليم، وليس على مبدأ "حارة كل من إيده إلُه".

المحامي أكرم الزعبي
رئيس رابطة الكتّاب الأردنيين السابق











طباعة
  • المشاهدات: 2162
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
04-11-2025 10:42 AM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
برأيك، هل تنتقل المعارك والمواجهات إلى الضفة الغربية بعد توقف الحرب بين "إسرائيل" وحماس في غزة؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم