03-11-2025 10:06 AM
بقلم : الدكتور يعقوب ناصر الدين
ما نعرفه يقينا أننا نعيش مرحلة من أصعب وأعقد ما عرفناه على مدى نصف قرن على الأقل وقد بلغ الصراع فيه حدا تجاوز كل الحدود حين أصبح اليمين الإسرائيلي يطرح مشروع مملكة إسرائيل الكبرى، ويسمي حربه على غزة (حرب وجود)، كل ذلك والمنطقة رغم وقف إطلاق النار الهش قابلة للانفجار في أي وقت، وما تزال غزة تعاني من انعدام أبسط متطلبات الحياة في حدها الأدنى، وإذا نظرنا إلى الأوضاع المتحركة من حولنا، أو مدننا النظر إلى الوضع الإقليمي بمجمله سنجد أننا أمام حالة من اللايقين، بل والريبة والشك بما يجعل القلق بمفهومه السياسي حتميا وضروريا ولازما ومحفزا على أخذ الحيطة والحذر!
لقد علمتنا التجارب أن أحد أهم أسباب بقاء معظم الدول وثباتها وقوتها يرتبط إلى حد بعيد بمدى حكمة وحنكة وذكاء وشجاعة قادتها، هذا إلى جانب أن القوة والثبات يقومان على طبيعة العلاقة القائمة بين الشعب وقيادته، وعلى سلامة الأداء على مستوى السلطات والمؤسسات وسيادة القانون، فتلك البنية الذاتية تشكل في حد ذاتها سدا منيعا في وجه المخاطر والتحديات، وحصنا حصينا لا يستطيع أن ينال منه الطامعون ، فذلك هو السد الذي بنيناه ، وذلك هو الحصن الذي شيدناه ليحفظ الأردن بلدا قويا وفاعلا ومؤثرا، وفاصلا كذلك بين الحق والباطل، وبين الخير والشر، وبين نوازع العدوان وفضائل الأمن والسلام والاستقرار!
في اللحظة التي يحتاج فيها القائد لأن يصارح شعبه من أجل أن يطمئن الأردنيون على حاضرهم ومستقبل أبنائهم، أجاب جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين على سؤال ( القلق) ليشرح الفرق بين التعبير عن القلق الذي يعيشه كل إنسان في بعده الشخصي أو العام، وبين ذلك (القلق المشروع) الذي يعيشه القائد المسؤول عن شعبه وعن مصالح بلده ومصير أمته، وهو في هذه الحالة أقرب إلى مفهوم الحذر والتعمق في فهم التطورات وأسبابها ونتائجها من منطلق المسؤوليات التي يتحملها.
كان الخطاب الذي ألقاه جلالة الملك بمناسبة انعقاد الدورة العادية الثانية لمجلس الأمة شاملا لكل ما يهم الأردنيين، ولكن إضافة صادرة من وجدان الملك قد ربطت رباطا وثيقا بين القائد الذي يقلق من أجل شعبه وبين الشعب الذي يثق بشجاعة قائدة الذي لا يهاب وهو على يقين بأن شعبه معه يشد من أزره ويثق بحكمته، ويمضي على الطريق الذي ارتضاه ليظل الأردن قويا يواصل مسيرة نهضته، ويتضامن مع أمته، وينصر قضيته الأولى قضية شعبه الفلسطيني الشقيق، مثلما يفعل بشأن مأساة الأهل في غزة، ومعاناتهم في القدس والضفة الغربية.
بيت القصيد هنا يكمن في تأكيد جلالة الملك على أن خدمة وطننا واجب مقدس، فالمسؤولية إذن دينية أخلاقية ووطنية، فيها هجرة لله ورسوله النبي العربي الهاشمي محمد صلوات الله وسلامه عليه الذي خاطبه رب العزة في الذكر الحكيم ( واصبر وما صبرك إلا بالله ولا تحزن عليهم ولا تكن في ضيق مما يمكرون).
من الطبيعي أن يقلق الملك، ومن المنطقي أن نقلق جميعا من مكر الماكرين، وحسد الحاسدين، فحين يكون الوطن مقدسا، وحين يكون أرضا مباركة، فإن حياتنا فيه لا يمكن إلا أن تكون جهادا في جهاد!
| 1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
03-11-2025 10:06 AM
سرايا |
| لا يوجد تعليقات | ||