27-10-2025 08:24 AM
بقلم : الدكتور يعقوب ناصر الدين
لا شك أننا لا نملك رفاهية انتظار ما ستحمل الأيام من خير أو شر، أو أن نبقى عالقين في التوقعات والاحتمالات التي تهدد الوضع القائم منذ توقف الحرب على غزة، لقد عانينا بما فيه الكفاية من تعطل الأحوال، ومن مخاطر الوضع الذي جعل المنطقة على شفير حرب شاملة أكثر من مرة، وعشنا على مدى عامين حرب إبادة راح ضحيتها عشرات الآف من المدنيين الأبرياء، وأدت إلى تهديم غزة من شمالها إلى جنوبها ومن شرقها إلى غربها.
لم يغب بلدنا لحظة واحدة عن تلك الأحداث المأساوية والخطرة، وكان من الطبيعي أن ننشغل بها لأن القضية الفلسطينية بكل تفاصيلها هي قضيتنا، ولأننا لا يمكن أن نقف مكتوفي الأيدي أمام تلك الجريمة الصادمة التي يواصل الرأي العام العالمي التعبير عن إدانتها لها وملاحقة مرتكبيها من اليمين الإسرائيلي بزعامة نتنياهو.
نعرف ويعرف العالم كله ما قام به جلالة قائدنا الملك عبدالله الثاني من جهود من أن أجل إقامة تحالف عالمي قادر على وقف العدوان وإغاثة المنكوبين، والحفاظ على الشرعية الدولية والنظام العالمي من الانهيار أمام الانتهاكات التي تعرض له ميثاق الأمم المتحدة وتعرضت له المعاهدات الدولية، فقد كانت تلك الجهود بمثابة تعبير صادق وقوي عن الضمير العالمي، وتأكيد على الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، وعلى أن تجنب المزيد من الصراع يكمن في حل الدولتين الذي يمنح الشعب الفلسطيني حقه في إقامة دولته المستقلة على أرضه بعاصمتها القدس الشريف.
ونعرف كذلك أنه بوجود يمين من هذا النوع في إسرائيل متطرف ومتعطش للدم يمكن أن يتكرر سيناريو الحرب والعدوان على غزة وعلى الضفة الغربية أيضا، أو على عدة مواقع من هذه المنطقة، فالاحتمالات كثيرة ومتنوعة، ولكن بالنسبة لنا لم يعد بإمكاننا الوقوف طويلا في مساحة الترقب والانتظار وإضاعة الوقت بالتكهنات، وإذا أردنا أن نغض النظر عن الأضرار التي لحقت بنا تجنبا لسوء الفهم عندما يتعلق الأمر بواجب المساندة الأخوية وبحماية أمننا في البر والبحر والجو فإنه لا يجوز أن نغمض أعيننا فنضل الطريق الذي رسمه لنا جلالة قائدنا وسرنا عليه معا لاستكمال مسارات التحديث السياسي والاقتصادي والإداري وعمليات النهوض الشامل بجميع فروعها وغاياتها القريبة والبعيدة.
من الطبيعي أن يؤكد جلالة الملك في افتتاح الدورة العادية الثانية لمجلس الأمة على كل هذه المنطلقات في السياسة الداخلية والخارجية، ومن الضروري في المقابل أن ينشط مجلس النواب لإنجاز مشاريع القوانين التي يصب معظمها في تلك الاتجاهات، ومن الواجب على الحكومة أن تمضي قدما في نهجها العملي والميداني لحل المشكلات الملحّة، وإنجاز ما تعهدت به من خطط وإستراتيجيات وإصلاحات أمام جلالة الملك وأمام نواب الأمة على أحسن وجه، وأفضل ما يمكن تحقيقه هو كسب رضى الناس عن الأداء ومخرجاته العملية، خاصة عندما يلمسون بأنفسهم التقدم الحاصل، الذي ينعكس على شؤون حياتهم العامة.
الخروج من دائرة الانتظار والتحرك إلى الأمام يتطلب عزيمة تلتقي عليها الإرادة والعقل والساعد والوجدان، فالأردن بلد يقف بثبات في المساحة التي باركها الله وأراد له أن يكون فيها، وموقعنا وإيماننا وحقنا كذلك في الحياة الكريمة يفرض علينا مزيدا من الجهد والعطاء والتضحية التي ترتقي إلى المنزلة التي يستحقها المكان والزمان والإنسان.
| 1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
27-10-2025 08:24 AM
سرايا |
| لا يوجد تعليقات | ||