21-10-2025 09:36 AM
بقلم :
في قلب المجتمع الأردني، حيث تتشابك القيم مع العادات، يبرز تحدٍّ اجتماعي بات يؤرق الشباب ويُثقل كاهل الأسر: غلاء المهور وتكاليف الزواج. لم تعد هذه الظاهرة مجرد أرقام تُدوّن في عقود القِران، بل تحوّلت إلى عائقٍ حقيقي أمام بناء الأسر، والاستقرار النفسي والاجتماعي، والانخراط في دورة الحياة الطبيعية.
الواقع الذي لا يُمكن تجاهله
تشير مؤشرات اجتماعية متزايدة إلى عزوف الشباب عن الزواج، ليس بسبب غياب الرغبة أو ضعف الالتزام، بل نتيجةً لتضخم التكاليف المرتبطة بالزواج. من مهرٍ يتجاوز عشرات الآلاف، إلى حفلاتٍ تُقام في أفخم القاعات، إلى جاهاتٍ ضخمة تُدار وكأنها مؤتمرات سياسية، إلى مظاهر اجتماعية تُفرض باسم "الواجب"، بينما هي في حقيقتها عبءٌ لا يُحتمل.
هذا الواقع لا يُهدد فقط أحلام الشباب، بل يُضعف نسيج المجتمع، ويُعمّق الفجوة بين الأجيال، ويُرسّخ ثقافة الاستعراض على حساب الاستقرار.
مبادرة وزير الداخلية: خطوة نحو التغيير
في مواجهة هذا التحدي، أطلق معالي وزير الداخلية، مازن الفراية، مبادرة اجتماعية جريئة تهدف إلى إعادة التوازن للعادات المرتبطة بالزواج والعزاء. المبادرة، التي لاقت ترحيبًا واسعًا، تدعو إلى:
- تقليل المهور إلى حدود معقولة تتناسب مع دخل الشباب.
- تقليص حجم الجاهات والدعوات، والامتناع عن دعوة أصحاب المناصب الرسمية لترؤسها.
- اختصار بيوت العزاء إلى يوم واحد، وتقديم الطعام فقط لذوي المتوفى.
- دعوة المجتمع المدني والوجهاء والشيوخ لتبني المبادرة وتحويلها إلى ميثاق شرف اجتماعي.
هذه المبادرة ليست مجرد تنظيم اجتماعي، بل هي دعوة لإعادة تعريف الزواج: أن يكون شراكةً إنسانية، لا مناسبةً استعراضية؛ أن يكون بدايةً للحياة، لا عبئًا ماليًا يُثقل الكاهل.
لماذا يجب أن نتحرك الآن؟
لأننا إن لم نُراجع أنفسنا، سنخسر جيلًا كاملًا من الشباب الطموح، وسنُفرّغ الزواج من معناه، وسنحوّل الفرح إلى أزمة. المبادرة تفتح الباب أمام إصلاح اجتماعي يقوده الوعي، ويُعيد الاعتبار للقيم الأصيلة: البساطة، التيسير، والنية الصافية.
دعوة للمجتمع الأردني
آن الأوان أن نُعيد النظر في عاداتنا، وأن نُعيد للزواج روحه، وأن نُعيد للشباب حقهم في الحلم. فلنكن شركاء في هذا الإصلاح، ولنحوّل المبادرة إلى ثقافة وطنية، تتبناها العائلات، وتُدرّس في الجامعات، وتُروّج عبر الإعلام، وتُباركها العشائر والوجهاء.
فالوطن لا يُبنى إلا بأسرٍ مستقرة، وشبابٍ قادر على الحب والعطاء، ومجتمعٍ يُقدّر الإنسان قبل الذهب، والنية قبل المظاهر.
| 1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
21-10-2025 09:36 AM
سرايا |
| لا يوجد تعليقات | ||