19-10-2025 08:57 AM
بقلم : روشان الكايد
لم يكن خرق الهدنة من قبل الكيان الصهيوني حدثاً مفاجئاً، بل هو امتداد طبيعي لنهجه القائم على الغدر والتملص من كل اتفاق، ونهجٍ لم يعرف يوماً معنى الالتزام أو احترام العهود .
فإسرائيل، ومنذ تأسيسها على أنقاض الأرض الفلسطينية، بنت وجودها على سياسة الخداع والمراوغة، حتى أصبحت خيانة العهود جزءاً من عقيدتها السياسية والعسكرية .
الهدنة التي أُعلنت وسط ضجيج التصريحات الدولية لم تكن بالنسبة لإسرائيل سوى فرصة لالتقاط الأنفاس، وإعادة التموضع، ومواصلة العدوان بوجهٍ جديد .
فعقيدة الاحتلال تقوم على أن “التهدئة” ليست سوى استراحة محارب، يستغلها لترتيب صفوفه وتوسيع دائرة أهدافه، لا من أجل التهدئة الإنسانية، بل لتأجيل القتل إلى موعد آخر .
لقد أثبت الكيان الصهيوني مرة بعد مرة أنه لا يؤمن إلا بلغة القوة، وأن الهدن بالنسبة له أدوات سياسية لا التزامات أخلاقية؛ فهو يوقّع عليها أمام الكاميرات ثم ينقضها تحت جنح الليل، في مشهدٍ بات مألوفاً لكل من يعرف تاريخه المليء بالانتهاكات، من اتفاقيات الهدنة الأولى إلى اليوم .
والمؤسف أن العالم ما زال يتعامل مع هذا الخرق وكأنه “حادث عابر”، بينما الحقيقة أن إسرائيل جعلت من نقض العهود منهجاً رسمياً، وأنها تدير الحروب كما تدير الهدنه، بدمٍ باردٍ وتخطيطٍ ممنهجٍ يضرب عرض الحائط بكل الأعراف والقوانين الدولية .
إن خرق الهدنة ليس مجرد عمل عسكري، بل هو رسالة سياسية تقول إن الاحتلال لا يريد سلاماً، بل يريد وقتاً كافياً لإعادة العدوان بشكلٍ أكثر شراسة،
وهو كذلك امتحانٌ جديد للعالم الذي يرفع شعار العدالة بينما يعجز عن محاسبة المعتدي .
ومع ذلك، يبقى صمود غزة وشعبها أقوى من كل هدنةٍ تُنتهك، وأكبر من كل وعدٍ يُكسر؛ فمهما خرقوا الاتفاقات، تبقى إرادة الفلسطينيين هي الهدنة الوحيدة التي لا يمكن كسرها، لأنهم اختاروا الثبات على الحق، لا التراجع أمام الباطل .
هذا هو ديدنهم… لا يعرفون إلا الخيانة، ولا يتقنون سوى لغة الدم، لكنهم ينسون أن الشعوب لا تُهزم، وأن الهدن تُخرق، أما الكرامة فلا تُكسر .
وفي الختام :
مهما طال الظلم والظلام، فالكلمة الأخيرة لن تكون لصوت المدافع، بل لصوت الأرض التي لا تخون .
#روشان_الكايد
#محامي_كاتب_وباحث_سياسي
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
19-10-2025 08:57 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |