13-10-2025 03:54 PM
بقلم : د. شادية خريسات
لا تأتي هذه الآية بوصفٍ أخلاقي فقط، بل تحمل في عمقها قانونًا نفسيًا كونيًا دقيقًا:
أن الأرواح لا تلتقي صدفة، بل تنجذب وفق ترددها الداخلي وما تحمله من طاقة ووعي ونية.
فالطيب، بطهارته ونقائه، يجذب ما يشبهه دون سعي،
والخبيث، بخداعه وتوتره، يجد طريقه نحو من يشبهه في الظل.
في علم النفس العصبي السلوكي، تتحدث الأبحاث عن أن الأفكار والمشاعر تترك آثارًا في الدماغ على شكل شبكات عصبية نشطة.
الفكرة الصافية تفعّل مناطق الهدوء والتوازن، وتغذي الجهاز العصبي بالإحساس بالأمان،
بينما الفكرة السامة تُبقي الجسد في استنفار دائم، وتغذي دوائر الخوف والتوجس.
ومع الوقت، يصبح الإنسان مغناطيسًا لما يفكر به،
يجذب الأشخاص والمواقف التي تعكس طاقته ونظامه الداخلي.
ليست “الطيبة” ضعفًا، بل ذكاء روحيّ يختار الصفاء رغم ازدحام العالم بالتلوث.
أن تكون طيبًا لا يعني أن تسمح بالأذى، بل أن تظل صادقًا مع ذاتك،
أن تحافظ على نقاء نيتك دون أن تبررها،
أن تثق أن النقاء لا يضيع، حتى لو تأخر وصوله.
أما الخبث، فمهما لمع بريقه مؤقتًا، يذوب أمام اختبار الحقيقة.
فالنية المظلمة لا تُخفي رائحتها طويلًا، والعقل المتوتر لا ينتج طمأنينة،
لأن الشرّ — مهما تجمّل — يظل في صراعٍ دائم مع ذاته قبل أن يكون مع الآخرين.
قال تعالى: ﴿الطيبات للطيبين﴾
ليُطمئن القلوب لا ليحاكمها؛
فالنقاء لا يحتاج إلى سلاح، يكفيه صدقه.
والكون لا يخطئ الاصطفاف، فكلّ روحٍ ستجد من يشبهها في النغمة والجوهر،
مهما طال الانتظار، ومهما تعقّد الطريق.
| 1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
13-10-2025 03:54 PM
سرايا |
| لا يوجد تعليقات | ||