12-10-2025 02:08 PM
بقلم : أسامة الدباس
لم أعتد الكتابة عن مسؤول، لا رغبة في المجاملة ولا سعياً وراء المديح، لكن هذه المرة أجد نفسي مدفوعًا للحديث عن الدكتور نضال القطامين، وزير النقل، بعدما أثبت خلال فترة قصيرة أن الوزارة حظيت برجل يملك رؤية وفكرًا مختلفًا في التعامل مع أحد أعقد الملفات في البلاد.
الدكتور القطامين ليس غريبًا عن العمل العام؛ فقد شغل مواقع متعددة منحته خبرة سياسية وإدارية عميقة، من عضويته في مجلس النواب إلى توليه حقيبتي العمل والسياحة في فترات سابقة.
لكن اللافت في مسيرته أنه لم يتعامل مع المناصب بوصفها مواقع تنفيذية فحسب، بل كمنصات للتفكير وإعادة صياغة المفهوم الإداري لكل قطاع.
قبل أن يتولى حقيبة النقل، كان يتحدث ويكتب بجرأة وعمق عن تحديات هذا القطاع، محللاً المشكلات من جذورها لا من مظاهرها. واليوم، وهو في موقع القرار، تبدو فرص التغيير حقيقية لأول مرة منذ سنوات طويلة.
قطاع النقل في الأردن لا يعاني من نقص في القوانين أو الأنظمة، بل من غياب النظرة الشمولية التي تربط بين الإنسان والمكان والحركة اليومية داخل المدن.
الازدحام، وضياع الوقت، وتراجع جودة النقل العام ليست إلا أعراضًا لمشكلة أعمق، وهي المركزية المفرطة في توزيع المؤسسات الحكومية والبنية الإدارية في قلب العاصمة.
من هذا المنطلق، أطرح فكرة طال انتظارها وتجاهلتها الحكومات السابقة رغم واقعيتها:
أن الحل الأكثر فاعلية لتخفيف ازدحام عمّان إلى النصف هو نقل الوزارات والمؤسسات الحكومية تدريجيًا إلى أطراف المدينة.
فالبيانات تشير إلى أن نسبة كبيرة من الازدحام اليومي مصدرها المركبات الحكومية وموظفو الدولة والمراجعون القادمين من مختلف المحافظات.
هذا يعني أن معالجة جذرية لهذه الحركة اليومية يمكن أن تُحدث تحولًا حقيقيًا في المشهد المروري خلال سنوات قليلة.
إن إنشاء مجمع حكومي متكامل خارج حدود الازدحام — مزوّد بخدمات نقل عام حديثة ومواقف منظمة ومساحات ذكية للعمل ليس حلمًا بعيد المنال، بل خطوة استراتيجية تتماشى مع توجهات الدولة في اللامركزية والتنمية المتوازنة.
عندها لن نكون فقط قد خففنا الضغط عن العاصمة، بل خلقنا نموذجًا إداريًا حديثًا يدعم الكفاءة ويُعيد توزيع النشاط الاقتصادي بشكل أعدل.
ما نحتاجه اليوم ليس حلولًا جزئية، بل رؤية تتعامل مع النقل كملف وطني متكامل يرتبط بالاقتصاد والبيئة وجودة الحياة.
ويبدو أن الدكتور نضال القطامين يدرك هذا جيدًا؛ فنهجه القائم على الهدوء في القرار والوضوح في الاتجاه يعكس فلسفة مختلفة في الإدارة كفلسفة تبدأ من التفكير لا من التنفيذ.
وزارة النقل اليوم أمام فرصة تاريخية لتتحول من مؤسسة تنفيذية إلى بيت تفكير استراتيجي يقود التحول في نمط الحياة الحضرية في الأردن.
ولعلّ وجود وزير يجمع بين الفكر والخبرة هو ما يجعل هذه الفرصة أقرب إلى الواقع من أي وقت مضى
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
12-10-2025 02:08 PM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |