11-10-2025 04:06 PM
بقلم : د. محمود الحبيس
حين تتشابك خيوط المشهد الجامعي بين تضارب الصلاحيات وتراجع الهيبة الأكاديمية، يصبح التدخل الحازم ضرورة لا خيارًا، لإعادة ترتيب الجسد الجامعي قبل أن ينهار تحت وطأة الترهل والارتباك المؤسسي. فالإصلاح لم يعد ترفًا تنظيريًا، بل ضرورة وطنية تمسّ جوهر الدولة وموقعها في سباق المعرفة.
لقد أثبت الواقع أن المركزية ليست خطأ مطلقًا، ولا اللامركزية حلاً سحريًا، فكلاهما وسيلة تُقاس بمدى خدمتها للمصلحة العامة. ومن هنا تبرز فلسفة المركزية المؤقتة كمرحلة إصلاحية واعية، تُعيد للنظام الجامعي توازنه المفقود وتوحّد القرار، تمهيدًا لانتقالٍ مدروس نحو لامركزية فاعلة تستند إلى الكفاءة والانضباط.
إنها وصفة جراحية دقيقة تعيد النبض لمؤسسات التعليم العالي التي أنهكها التنازع وضعف الانسجام، عبر مركزية منضبطة تُمسك بزمام الإصلاح لتؤسس لاستقلالٍ حقيقي قائم على الحوكمة والمساءلة لا الشعارات.
ورغم الجهود المبذولة، ما تزال الجامعات الأردنية تواجه تحديات في بنيتها الإدارية والأكاديمية، أبرزها المركزية المفرطة التي كبّلت روح المبادرة وأضعفت قدرتها على مواكبة متطلبات العصر. لذا، تبرز الحاجة إلى مركزية إصلاحية مؤقتة تضبط الإيقاع الجامعي وتوحّد المسار، تمهيدًا لانتقال ناضج نحو لامركزية دائمة تعيد للجامعات مكانتها وفاعليتها.
ويقوم النموذج المقترح على فلسفة “المركزية المؤقتة للإصلاح واللامركزية الدائمة للتطوير” من خلال ثلاث ركائز رئيسة يخطط لها بعناية تامة وبإشراف وزير التعليم العالي:
1. مجلس أمناء التعليم العالي لمتابعة الأداء وضمان الالتزام الوطني.
2. مجلس التعليم العالي لوضع السياسات والخطط الوطنية.
3. هيئة الاعتماد وضمان الجودة لتطبيق معايير التقييم الدولية.
هذه الهياكل الثلاثة بحاجة الى خطط عمل متكاملة قابلة للتنفيذ .
تُنفذ هذه المرحلة على مدى ثلاث إلى خمس سنوات ضمن خطة وطنية محددة الأهداف ومؤشرات الأداء، تشمل إصلاح الهياكل الإدارية والمالية، وضبط القبول، وتطوير الأداء الأكاديمي، وغير ذلك ، يليها نقل تدريجي للصلاحيات إلى الجامعات تحقيقًا للامركزية منضبطة، انسجامًا مع رؤية جلالة الملك وولي العهد في تحديث التعليم العالي.
فـ"المركزية المؤقتة" ليست عودة إلى الوراء، بل مرحلة علاجية لإعادة البناء والانطلاق بثقة نحو المستقبل، حتى تستعيد الجامعات الأردنية استقلالها المنضبط وتعود مناراتٍ للعلم ومحركاتٍ للتحديث الوطني.
فالرهان الحقيقي هي على إرادة الإصلاح وجرأة القرار، فبهما يُستعاد للتعليم العالي ألقه، وللأردن مكانته الريادية بين الأمم في هذا القطاع الحيوي.
ملاحظة: ندرك حسنات ومساوىء المركزية واللامركزية انما هي وجهة نظر ومن يملك وصفة اخرى فليتقدم بها.
لطفا وليس امرا.
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
11-10-2025 04:06 PM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |