حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
السبت ,11 أكتوبر, 2025 م
طباعة
  • المشاهدات: 8708

هل الرجل أسرع بالتخطي والتجاوز أم المرأة؟ .. خبراء يوضحون

هل الرجل أسرع بالتخطي والتجاوز أم المرأة؟ .. خبراء يوضحون

هل الرجل أسرع بالتخطي والتجاوز أم المرأة؟ ..  خبراء يوضحون

11-10-2025 10:42 AM

تعديل حجم الخط:

سرايا - كيف يمكن لإنسان عرف تفاصيلنا، شاركنا الضحك والدموع، وشهد أضعف لحظاتنا، أن يواصل حياته وكأننا لم نكن؟
هذا السؤال لا يأتي من ضعف أو تعلق، بل من احترام ووفاء للتجربة. ليس ندما، بل محاولة لفهم مفارقة موجعة: لماذا تسير بعض العلاقات بعمق شديد، ثم تنتهي فجأة وكأنها لم تترك أثرا؟


في مشهد يتكرر، يبدو بعض الرجال وكأنهم يغلقون الصفحة في اللحظة التالية للفراق، بينما تبقى المرأة غارقة في التفاصيل، تعيد التفكير بكل كلمة ونظرة وصمت، كأنها وحدها من أحب وانتظر وخطط بقلب مفتوح، ووحدها من عاشت التفاصيل وكأنها ستدوم.


فتسأل نفسها: هل كنت وحدي؟ هل نسي فعلا، أم أنه فقط يخفي الألم؟ هل نحن أعمق، أم أنهم أسرع؟


الحب ليس باللغة نفسها
قد لا نحب ولا نتألم بالطريقة نفسها. بعض النساء حين يدخلن علاقة يعشنها بكامل حضورهن. يراقبن التفاصيل، يقدرن اللحظة، ويمنحن الوقت والمشاعر بصدق. لا يرحلن سريعا، ولا يتوقفن عن المحاولة إلا بعد أن يتأكدن أنه لا مجال لشيء آخر.
وعندما تنتهي العلاقة، لا يكون الألم فقط على الفقد، بل على الصورة المشتركة التي بنيت.
وفي المقابل، يظهر بعض الرجال وكأنهم يغلقون الصفحة بلا ارتباك. يختارون الصمت بدلا من السؤال، والتجاهل بدلا من المواجهة. لكن هل هذا يعني أنهم تجاوزوا فعلا؟
ربما لا. ربما يتألمون بصمت، أو لم يتعلموا التعبير عن مشاعرهم أصلا.
السؤال ليس: من أحب أكثر؟ بل: كيف أحب كل واحد منا؟ وكيف اختار أن يتعامل مع الفقد؟
من الناحية النفسية، توضح الدكتورة عصمت حوسو أن هناك فروقا بيولوجية حقيقية بين الرجل والمرأة تنعكس على التعامل العاطفي والاجتماعي. العاطفة لدى المرأة تنشط في مناطق متعددة من الدماغ، بينما تتركز في منطقة واحدة فقط لدى الرجل. هذا يفسر اختلاف التعبير عن المشاعر.
كما أن الرجل، بحكم التربية الاجتماعية، يتعلم منذ صغره كبت العواطف وعدم إظهار الحزن، في حين تشجع المرأة على الإفصاح والحديث.
وترى حوسو أن الصورة النمطية التي تصور الرجل وكأنه يتجاوز العلاقة أسرع لها أساس بيولوجي أيضا. فالدماغ الذكوري يعمل وكأنه "ملفات". حين يغلق الرجل ملف الحب لا يفتحه إلا إذا كان مستعدا، وإلا ينتقل إلى ملف آخر، غالبا مرتبط بدوره المجتمعي كمزود أو قائد للأسرة. هذا النظام لا يسمح له بالتعامل مع ملفين عاطفيين معا، فيبدو أسرع في التجاوز، سواء كان فعلا كذلك أو فقط لأنه لا يعبر.
في زمن السرعة والعلاقات المؤقتة، أن تبقى وفيا لما عشته يبدو اليوم خيارا غير عملي، بل مكلفا نفسيا. الحزن أصبح يفسر كضعف، بينما ينظر إلى الدخول في علاقة جديدة كقدرة على المضي قدما.
لكن الحقيقة أن الصدق العاطفي ليس ضعفا، أن تمنح نفسك وقتا لتشعر وتفهم وتتجاوز هو فعل شجاع في عالم يروج للتجاوز السريع.
كثير من الرجال قد يدخلون علاقة جديدة بسرعة، ليس لأنهم أقوى، بل لأن الخيارات الرقمية والعلاقات السريعة جعلت "العلاقات البديلة" متاحة، فيملؤون الفراغ العاطفي بالتشتيت، لا بالشفاء.
الاستشاري الأسري مفيد سرحان، يوضح أن الرجل ليس مجردا من العاطفة، لكنه غالبا يربى على كتمان مشاعره، بدافع التحمل أو خوفا من نظرة المجتمع التي ترى التعبير ضعفا. ويضيف "قد يخفي الرجل مشاعره، مما يسبب له آثارا نفسية وصحية سلبية، فقط لأنه يظن أن ذلك أفضل له كرجل، أو أنه يجب أن يتحمل لأجل الآخرين". بينما تختار بعض النساء مواجهة الألم ولو كان موجعا، يختار بعض الرجال الدخول بعلاقة جديدة. لكن التظاهر بالنسيان لا يعني التعافي. الدخول في علاقة أخرى لا يلغي أثر السابقة، بل يؤجل مواجهته.
وتؤكد حوسو أن النضج العاطفي لا يرتبط بالعمر، فقد يصل البعض إلى الخمسين أو الستين من دون أن ينضجوا عاطفيا. الناضج هو من يسمح لنفسه بالشعور، لكنه يعرف أيضا متى يتوقف ويبدأ صفحة جديدة. النضج لا يعني نسيان العلاقة من اليوم التالي، بل القدرة على العيش مع الفقد من دون دفنه أو المبالغة في اجتراره.
عندما يساوي الحزن
الاعتراف بالحب
كثير من النساء بعد نهاية العلاقة يقلن "ما صدمني لم يكن الفراق نفسه، بل أنه لم يتألم. لم يسأل. مضى وكأني لم أكن جزءا من حياته".
غالبا نقيس حب الآخر من خلال حزنه علينا، نبحث في عينيه عن أثرنا، وفي رد فعله عن دليل أن ما عشناه كان حقيقيا. إذا بكى نشعر أنه أحب فعلا، إذا تألم نرتاح لأننا لم نكن وحدنا، لكن حين يمضي، تنهار الروايات التي بنيناها، ويبدأ الشك: هل كنت وحدي؟ هل صدقت شيئا لم يكن موجودا؟
وتوضح حوسو أن المرأة تحمل قيمة العلاقة على عاتقها، وتقيس قيمتها من مدى تأثر الرجل بعد الفراق. ولهذا حين تراه يعيش بشكل طبيعي، حتى لو تظاهر، تتألم مرتين: مرة من الانفصال، ومرة من شعورها أنها لم تكن مهمة.
أما في التعبير، فالحديث هو الأداة الأساسية للمرأة، لأن المنطقة المسؤولة عن الكلام في دماغها أكبر منها عند الرجل، بينما الرجل يميل للكتمان بطبيعته وتربيته.
ويؤكد مفيد سرحان أن التباين لا يعني أن أحدهما أحب أكثر، قائلا "قد يعبر أحدهم بالبكاء وآخر بالصمت، لكن كلاهما يشعر". ويضيف "الزواج بعد الفقد حق للرجل أو المرأة، ولا يعني تجاوز الأمر بسرعة، بل هو جزء من متطلبات الحياة".
في مجتمعاتنا، تشعر المرأة غالبا أنها خسرت بعد الانفصال، ليس فقط على مستوى المشاعر، بل أيضا من حيث المكانة الاجتماعية. وقد ترى نفسها ضحية، خاصة إذا تبنت نظرة المجتمع التي تضعها في مرتبة أقل.
لكن، كما تقول حوسو، العلاقة يبنيها طرفان. وليس من الضروري أن من أنهى العلاقة هو من كسرها. وحتى إن شعرت بالخسارة، فهذا ليس دليلا على أنها الطرف الأضعف، بل انعكاس لاختلاف طرق التعبير وتأثير المجتمع على رؤيتها لنفسها.
ويشير سرحان إلى أن الانفصال لا يعني نهاية الحب بالضرورة، قد يكون سببه العناد أو غياب الحوار. وقد يشعر الطرفان بالندم لاحقا، لكن بعد فوات الأوان. ويؤكد أن التعبير عن المشاعر، مهما كان شكله، ضرورة إنسانية. الموازنة بين العقل والعاطفة مطلوبة، لأن التجرد من المشاعر يحول الإنسان إلى آلة.
من يحب لا ينسى.. بل يتغير
لا أحد ينسى تماما، بل يعيد ترتيب مشاعره ويواصل بطريقته. قد يبدو أحدهم صامتا بعد الفقد فيفسر صمته على أنه تجاوز. وقد يبدو آخر حزينا فيظن أنه الأضعف.
في النهاية، لا يوجد شكل واحد للألم، فكل شخص يتألم بطريقته. كل فراق يكشف من نكون وكيف نحب وماذا نتعلم حين نخسر.
المسألة ليست في إلقاء اللوم، بل في الفهم. أن ندرك أن الحب لا يقاس بسرعة النسيان، بل بصدق الشعور. أن من يتجاوز بسرعة لا يعني أنه لم يشعر، ومن يتألم طويلا لا يعني أنه لم يتعلم.
ربما في الحكايات التي لم تكتمل نكتشف أنفسنا بوضوح أكبر مما كنا عليه ونحن نحب.











طباعة
  • المشاهدات: 8708
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
11-10-2025 10:42 AM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضا

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم