سرايا - صرّح وزير المياه والري عبر برنامج ستون دقيقة على التلفزيون الأردني بأن السدود فارغة باستثناء سد الملك طلال. فما تأثير ذلك على الامن المائي في الأردن؟

تُعتبر السدود في المملكة الأردنية الهاشمية أحد المصادر المائية التقليدية التي تعتمد معظمها على مياه الأمطار، وتُشكل 92% من الأراضي الأردنية مناطق جافة وشبه جافة و90% من مساحة الأردن في مناطق يكون فيها الهطول المطري السنوي أقل من 200 ملم، ويتأثر الأردن بالتغير المناخي بارتفاع درجات الحرارة وانخفاض معدلات هطول الأمطار والذي يؤثر على مخزون السدود بشكل كبير أدى الى جفاف بعضها في المواسم المطرية ضعيفة الهطول المطري.
وتُعتبر السدود المصدر الرئيسي لري المزروعات وتأمين إحتياجات المزارعين من المياه في وادي الأردن بالاضافة الى تزويد مياه للشركات الصناعيه في الأغوار. ويبقى السؤال هنا ما مدى تأثير مخزون السدود على التزويد المائي للاستخدامات المنزليه؟

عملت الحكومة ممثلة بوزارة المياه والري/سلطة وادي الأردن على الاستغلال الأمثل لمياه الأمطار بانشاء (16) سد رئيسي في المملكة بسعة تخزينية كلية حوالي (288) مليون متر مكعب (م م م) وتعتمد استخدامات السدود على نوعية مياه الروافد والأودية التي تصب في هذه السدود، حيث يُستخدم سدين فقط لأغراض منزليه ولري الوحدات الزراعيه في الأغوار وهم سد الوحدة وسعته التخزينية حوالي (106) م م م وسد الموجب وسعته التخزينية حوالي (25) م م م والذي يُستخدم أيضاً لأغراض صناعيه. وبالرجوع الى تصريحات وزارة المياه والري فإن معدل تخزين سد الوحدة لم يتجاوز 30% من سعته التخزينية الكلية منذ تشغيله وهو المصب لنهر اليرموك الدائم الجريان على مدار العام وقد تم وقف استخدام سد الوحدة بالسنوات الأخيرة مبكراً قبل بداية الموسم المطري لتدني نسبة التخزين بالسد الى الحد الأدنى وما يًسمى (Dead Storage) . وبالتالي فأن سد الموجب هو السد الذي تعتمد عليه وزارة المياه والري للاستخدامات المنزلية واستخدامات أخرى.

أما باقي السدود وعددها (14) سد تُُُستخدم لأغراض زراعيه ولغايات الشحن الجوفي ودرء الفيضانات وللاستغلال الأمثل لمياه الأمطار، حيث يُعتبر سد الملك طلال والبالغ سعته التخزينية(67) م م م هو المخزون الاستراتيجي الهام والمستدام للاستخدامات الزراعية في الأغوار ومصدر مياهه من محطة الخربه السمرا مخلوط مع مياه الأمطار (سيل الزرقاء) ويروي ما يزيد عن 60% من الوحدات الزراعيه في وادي الأردن ويستخدم للزراعة فقط، أما باقي السدود فهي تعتمد في تخزينها على مياه الأمطار فقط حيث تُستخدم السدود التاليه لري الوحدات الزراعية في مناطق وادي الأردن وسعتها التخزينية حوالي (57) م م م وهي :سد زقلاب وسد وادي العرب وسد كفرنجة وسد الكفرين وسد وادي شعيب وسد رحمة وسد الفيدان وسد التنور الذي يُستخدم للصناعه ايضاً، أما استخدامات سدود الواله واللجون والكرك وابن حماد والزرقاء ماعين والبالغ سعتها التخزينية حوالي (33)م م م فهي لغايات الشحن الجوفي ودرء الفيضانات.

وبالتالي فأن مخزون السدود بعد انتهاء الموسم المطري يؤثر بشكل كبير على الزراعه في وادي الأردن وليس بالتأثير الكبير على الاستخدامات المنزليه سيما وقيام وزارة المياه والري بحفر آبار اسفل سد الموجب في حال تدني مخزون السد. وهذا يدحض مقوله بأن تدني مخزون السدود أو جفاف بعضها يؤثر على مياه الشرب (الاستخدامات المنزلية) حيث لا تتجاوز نسبة مساهمة مياه السدود الصالحة للاستخدمات البلدية عن 3% في حين أن 70% من مصادر المياه البلدية تعتمد على المياه الجوفية وأن أكثر من 50% من موازنة المياه السنويه تُساهم بها المياه الجوفية.

ومع استمرار استنزاف مصادر المياه الجوفية، لا بد هنا من الإشارة الى أهداف الإستراتيجية الوطنية للمياه (2023-2040) المحورية ومنها الهدف المحوري رقم (2) بإعادة التوازن بين التزويد والطلب على المياه المتوفرة والمستدامة بإدارة مصادر المياه المتجددة وتقييد استخراج المياه الجوفية لتبقى ضمن مستويات الضخ الآمن والحد من الاستخدام غير المشروع لضمان ديمومة التزويد المائي. مع ضرورة العمل على زيادة التزويد المائي عبر مصادر مائية غير تقليدية ويجب على وزارة المياه والري العمل على تطبيق هذه الاستراتيجية لتحقيق رؤية قطاع المياه والموجهة نحو تحقيق الأمن المائي المستدام.