07-10-2025 09:07 AM
بقلم : الصيدلي عدوان قشمر نوفل
بين الأنقاض يولد الأمل
منذ السابع من أكتوبر عام 2023، لم تعد غزة مجرد عنوانٍ لحربٍ جديدة، بل تحوّلت إلى رمزٍ عالميٍّ لصمودٍ استثنائيّ. في مكانٍ محاصرٍ منذ أكثر من عشرين عامًا، تتجدّد المعاني القديمة للكرامة والبقاء، وتتعانق الدماء مع الحجارة لتكتب قصة الإنسان الذي يرفض الهزيمة.
التاريخ علّمنا أن الشعوب التي تتشبث بحقّها لا تُهزم، مهما طال ليل العدوان، وغزة اليوم تُذكّر العالم أن العدالة لا تموت، وأن الاحتلال مهما طال مصيره الزوال.
غزة... الحياة تحت الرماد
رغم الحصار والدمار، لا تزال غزة تنبض بالحياة.
تحت الركام يولد طفل يبتسم، وفوق أنقاض البيوت ترفرف راية الأمل.
فغزة لا تُقاتل بالسلاح وحده، بل بالإيمان، بالكرامة، وبالإصرار الذي لا ينكسر.
في كل بيت شهيد، وفي كل شارع قصة، وفي كل قلب وعدٌ لا يخلف: أن النصر مهما تأخر، فهو قادم، يحمل معه فجر الحرية وأذانًا جديدًا فوق قباب الأقصى وأرض غزة العزّة.
المأساة الإنسانية... أرقامٌ تروي الحكاية
خلال عامين من الحرب، تحوّلت غزة إلى واحدة من أكبر الكوارث الإنسانية في القرن الحادي والعشرين.
بحسب تقديرات منظمات دولية وإغاثية، تجاوز عدد الشهداء عشرات الآلاف، فيما أصيب مئات الآلاف بجروح، وتعرّض أكثر من 80% من المساكن لأضرار أو دمار كلي. المستشفيات والمدارس ودور العبادة كانت في مرمى القصف، والبنى التحتية من ماء وكهرباء وطرقات أصبحت شبه معدومة.
لكن المأساة، برغم قسوتها، لم تُطفئ جذوة الأمل. فكل حجر سقط أعاد بناء فكرة المقاومة، وكل جرحٍ صار وعدًا بالبقاء.
المقاومة... خط الدفاع الأول عن الأمة
لم تعد المقاومة مجرّد بندقية في وجه الاحتلال، بل أصبحت فكرةً تمتد من غزة إلى الضمير العربي والإسلامي.
لقد أثبتت خلال هذه الحرب أنها خط الدفاع الأول عن الأمّة، وأن سقوطها يعني سقوط الكرامة الجماعية.
بإمكان إسرائيل أن تدّمر الحجر، لكنها لم تستطع أن تكسر الإرادة.
المقاومون الذين صمدوا في الميدان واجهوا تحالفًا عسكريًا واستخباراتيًا عالميًا، ومع ذلك حافظوا على المعادلة: «نقاتل لنعيش بحرية، لا لنموت في صمت».
إنهم اليوم لا يدافعون عن أرض غزة فقط، بل عن فكرة الحرية في وجه مشروعٍ استعماريٍّ ممتدٍّ منذ قرنٍ من الزمان.
بين أكتوبرين... ذاكرة النصر ودرس البقاء
لم يكن اختيار السابع من أكتوبر صدفة في ذاكرة العرب.
ففي هذا الشهر ذاته من عام 1973 انتصرت الإرادة العربية في حرب العبور، حين اجتمعت الجيوش والشعوب على كلمةٍ واحدة.
واليوم، بعد خمسين عامًا، يعيد أبناء غزة كتابة التاريخ بطريقتهم: مقاومة تحت الحصار، وانتصار بالمعنى المعنوي والسياسي قبل العسكري.
لقد وضعت معركة غزة القضية الفلسطينية مجددًا في مقدمة الاهتمام الدولي، وأعادت فتح ملفاتٍ ظنّ البعض أنها أُغلقت، حتى أصبحت فلسطين الصفحة الأولى في صحف العالم بعد أن كانت تُطوى في هوامشه.
الدرس السياسي... فشل الاحتلال وتحوّل الخطاب الدولي
رغم الدعم الأمريكي والأوروبي الواسع، فشلت إسرائيل في تحقيق أهدافها المعلنة.
لم تتمكّن من القضاء على حماس، ولم تنجح في إعادة رسم خريطة غزة كما أرادت.
الضغوط الداخلية، الانقسامات السياسية، وتراجع الثقة في القيادة الإسرائيلية كشفت عمق المأزق الداخلي في تل أبيب.
أما على الصعيد الدولي، فقد تغيّر المزاج العالمي: الشارع الأوروبي شهد مظاهرات تضامن غير مسبوقة مع غزة، والصحافة الغربية بدأت تتحدث عن «العدالة» و«المسؤولية الأخلاقية» أكثر من «الحق في الدفاع عن النفس».
الاحتلال خسر أخلاقيًا وإعلاميًا، حتى لو امتلك أدوات الحرب.
الأفق القادم... نصر الإرادة لا نصر السلاح
غزة اليوم لا تنتظر العون من أحد.
لقد علّمت العالم أن من يزرع في أرضه حبًّا ودمًا، لا بد أن يحصد حريةً وانتصارًا.
فالليل مهما اشتدّ سواده، سيشرق من رحم غزة فجرٌ عربيّ جديد يقول للعالم أجمع:
إن الشعوب لا تُهزم، وإن الاحتلال مهما امتلك من قوةٍ وغطاء، سيهزم يومًا ما أمام صبر الأطفال ودموع الأمهات وإرادة الصامدين.
الانتصار ليس لحظةً تُعلَن في مؤتمر، بل مسارٌ طويل من الوعي والدم.
غزة تسير فيه بثبات، والعالم يراقب، والتاريخ يكتب.
الانتصار قادم، ليس لأن أحدًا وعد به، بل لأن شعبًا قرّر أن يعيش بكرامة، وأن يكتب مستقبله بيده، لا ببيانات الآخرين.
غزة... ستبقى ميزان الكرامة في زمنٍ فقد توازنه.
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
07-10-2025 09:07 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |