سرايا - تصادف اليوم الذكرى الثانية ليوم السابع من أكتوبر 2023، ذلك اليوم الذي أطلقت فيه حركة المقاومة الإسلامية حماس هجومًا مفاجئًا وصفه كثيرون بـ "شرارة الطوفان" التي هزّت ما اعتُبر من قبل "إسرائيل" حصانة أمنية لا تُقهر، وأدخلت المنطقة في أتون حرب مستعرة لم تتوقف حتى الآن. وفي محيط الذكرى، تتصاعد التوقعات الدولية والعربية حول إمكانية التوصل إلى توافقات حول وقف إطلاق النار وتبادل للأسرى، عبر مقترح أمريكي يقوده الرئيس دونالد ترامب.


يوم الطوفان: بداية الكابوس الإسرائيلي

في صباح السابع من أكتوبر 2023، شنّت المقاومة هجومًا منسّقًا على مواقع "إسرائيل" الحدودية، مستخدمة وسائل متنوعة من التسلل البري إلى استخدام طائرات خفيفة وأسلحة مفاجئة. الهجوم لم يكن فقط ردًّا عند الضرورة، بل عملية مدروسة تهدفت إلى إحداث زلزال استراتيجي في مفاهيم الردع التي ظلت تُروّج لها "إسرائيل".


نتج عن العملية مئات القتلى والمصابين والأسرى، وأُستاذبت صور الدمار والمفاجأة الإعلام العالمي، لتصبح ذكرى السابع من أكتوبر بمثابة استحضار دائم لتحدٍّ لا يُمحى.

لم يكن الهدف العسكري وحده؛ بل المساس بالهيبة النفسية والاستراتيجية للكيان الإسرائيلي، وإظهار أن المقاومة تمتلك القدرة على تجاوز كل التوقعات الأمنية المسبقة.


الطريق إلى المفاوضات: مقترح ترامب يدخل المعادلة

مع تصاعد الأزمة في غزة، وتصاعد الضغوط الدولية على "إسرائيل" لوقف القصف وللتعامل مع الكارثة الإنسانية، خرج في سبتمبر 2025 مقترح من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يحمل نحو 20 نقطة تهدف إلى وضع إطار لإنهاء الحرب في غزة.

يتضمن المقترح:

وقف فوري لإطلاق النار

تبادل الأسرى والمختطفين

انسحاب جزئي أو مرحلي للقوات الإسرائيلية من غزة

تفكيك القدرات العسكرية للمقاومة (بصفقة مشروطة)

إقامة إدارة مؤقتة دولية أو فلسطينية تحت إشراف دولي في غزة

إعادة إعمار وتسهيل دخول المساعدات الإنسانية

وبحسب تقارير من مفاوضات غير مباشرة تُجرى في مصر، فإن الجانبين، المقاومة و "إسرائيل"، تبادلا مواقف متباينة حول الشروط الأساسية، خاصة فيما يخص الانسحاب وانتقال السلطة، لكنها بدأت أولى جلسات البحث في مقترح ترامب وناقشت بعض النقاط الأساسية بين وقف النار وتبادل الأسرى.

حينما انطلق اليوم الأول من مفاوضات الشروط في مصر، وُصف بأنه اختُتم بـ "نغمة إيجابية" بغض النظر عن الاختلافات الموضوعية الجوهرية التي لا تزال تُعرقل التقدم الفعلي.



بين الذكرى والمقاومة: رسالة الأمل والتحدي

في ذكراها الثانية، ترفع المقاومة الفلسطينية صوتها لا للتذكار فحسب، بل لتجديد العهد:

الشهداء يُخلّدون، والجرحى يُعانون، والمقصلة التي تُمارَس يوميًا على أهل غزة تبقى شاهدًا على أن الحرب لم تنتهِ بعد.

المقترح الأمريكي يُعرض الآن كفرصة لإنهاء نزيف الدم، لكن الكثير من النقاط الشائكة (مثل انسحاب كامل، وحكم غزة، وشرعية المقاومة) تضعه أمام اختبار المصداقية.

في ميدان المفاوضات ووراء الطاولات، تمثل المقاومة موقفًا ثابتًا: لا تنازل عن الحقوق الأساسية، ولا تجزئة للمعادلة الوطنية.


ختام: بين الطوفان وآفاق السلام

تمر الذكرى في ظل استمرار الحصار والقصف والألم، لكن أيضًا في ظل مفاوضات قد تُفضي إلى تهدئة أو وقف للحرب إذا امتلكت الإرادة السياسية والشجاعة.

اليوم، بين حنين الذكرى ونبض الواقع، تختبر غزة العالم: هل سيتجاوز مقترح ترامب مجرد ورقة تفاوضية إلى اتفاق يُوقف النزيف؟ أم ستبقى الذكرى شاهدة على أن العدالة تنتظر أن تُكتب بدم المقاومين، لا بصفقاتٍ لا تلامس الجرح الحقيقي؟

• إقرأ أيضاً : انتهاء المباحثات الأولى بين الوسطاء وحماس وسط مؤشرات إيجابية
• إقرأ أيضاً : محافظ حلب: انتشار القوات الحكومية جاء بعد انتهاكات "قسد"
• إقرأ أيضاً : إسرائيل ترحل 171 ناشطًا إضافيًا من أسطول الصمود