حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الإثنين ,6 أكتوبر, 2025 م
طباعة
  • المشاهدات: 16982

أ.د.عبدالفتاح العبداللات يكتب: الدينار الأردني

أ.د.عبدالفتاح العبداللات يكتب: الدينار الأردني

أ.د.عبدالفتاح العبداللات يكتب: الدينار الأردني

05-10-2025 08:29 AM

تعديل حجم الخط:

بقلم : أ.د. عبدالفتاح العبداللات
هل يتخذ البنك المركزي قرارا بتخفيض سعر صرف الدينار مقابل الدولار لدعم الاقتصاد؟

يعتبر الدولار الأمريكي عملة التداول رقم 1 في التجارة العالمية حيث أن أكثر من 80% من التجارة العالمية وما يزيد عن 55% من الاحتياطيات والارصدة النقدية هي بالدولار الأمريكي ، ويتم تقييم الارصدة الموجودة بما فيها الذهب بالدولار ، بالإضافة الى ان النفط والذهب يسعر عالميا بالدولار .
ويوجد العديد من الدول التي تربط عملتها بعملة اقوى واكبر اقتصاد بالعالم وهي بحدود 65 دولة حول العالم ، ومن ضمنها المملكة العربية السعودية التي تربط الريال السعودي بالدولار بسعر 3.7ريال للدولار منذ عام 1986 ،لتحقيق أهداف اقتصادية وتجارية ، فاغلب صادرات السعودية واهمها النفط مسعر بالدولار ، والدولار عملة عالمية موثوقة وقوية ينعكس على الريال ايجابا بالتالي استقرار الريال السعودي ، ايضا في حال استيراد المملكة من البلدان الاخرى فان تثبيت سعر الصرف يخدم الاقتصاد السعودي لكون الدولار يحتفظ بسعر صرف مرتفع مقابل العملات الأخرى.
أما الدينار الأردني فيرتبط بسعر صرف ثابت مقابل الدولار منذ عام 1995 ولغايه الان ويعتبر الربط
عامل استقرار للدينار ونقطه ايجابيه للمستثمرين في الاردن ويتغير سعر صرف الدينار مقابل العملات الاخرى بناء على التغير للدولار الامريكي مقابل تلك العملات الرئيسية.

وللأردن علاقات اقتصادية عميقة مع الولايات المتحدة ، حيث يوجد دعم امريكي للأردن بقيمة 1 مليار دولار سنويا مقسمة إلى 685 مليون دولار دعم نقدي للموازنة ، و350 مليون دولار دعم لمشاريع بالإضافة إلى ان حجم التجارة مع الولايات المتحدة يتجاوز 3 مليار دولار مقابل واردات امريكية بحدود 2 مليار دولار ، أي بمعنى ان العجز في الميزان التجاري يميل لصالح الاردن ومن أهم الصادرات الاردنية للولايات المتحدة الالبسة والاسمدة والصناعات الدوائية ، بالتالي تعتبر الشريك التجاري رقم 1 للاردن .

ولابد من التمييز بين قيمه العملة وسعر صرف العملة ، حيث ان قيمه العملة تعبر عن القوه الشرائية وهي كميه السلع والخدمات التي يمكن شرائها بوحده نقد واحده وهذه الكميه تتناقص مع التضخم اي مع ارتفاع الاسعار.

بالمقابل فان سعر صرف العملة هو مقدار ما تساويه العملة المحلية مقابل العملات الاخرى وهذا يتأثر بالاحتياطيات النقدية وحجم الناتج المحلي وحجم التجارة والطلب والعرض على العملة في الاسواق والتعاملات الدولية.

فيما يتعلق باستقرار وقوه الدينار الأردني فهناك العديد من الامور لابد من الحديث عنها .

اولا: المحافظة على معدلات تضخم منخفضة .
حسب المؤشرات المنشورة على موقع البنك المركزي هي 1.86% خلال اول تسعة شهور من هذا العام ،وللحفاظ على هذه المعدلات لابد من الاستمرار في تثبيت اجور النقل واسعار الخبز واسطوانة الغاز ، بالإضافة الى التخزين الوقائي للسلع ( القمح والشعير شكل أساسي ) والاستمرار ايضا في عقود استيراد الغاز الطويلة الاجل ،ودعم السلع الاساسية وهي حاليا بحدود 243 مليون دينار اردني.

ثانيا :حجم احتياطيات العملات الاجنبية .
تبلغ اجمالي الاحتياطيات الاجنبية 22.7 مليار دولار امريكي لغاية نهاية شهر 9 من هذا العام ، وهو رصيد جيد ويغطي ما يزيد عن ثمانية اشهر من الاستيراد للسلع والخدمات .

ثالثا: في عام 2024 شهد العالم تحولا نحو سياسة نقدية تيسيرية بعد فترة من التشدد النقدي خلال عام 2022 و 2023 ، حيث قام البنك المركزي بتخفيض اسعار الفائدة ثلاث مرات بمجموع 100 نقطة أساس ( 1%) .

رابعا: في18/9 من هذا العام قررت لجنة عمليات السوق المفتوحة تخفيض سعر الفائدة الرئيسي للبنك المركزي وبقية أدوات السياسة النقدية بمقدار 25 نقطة أساس (0.25%) ، وقد أستند هذا القرار الى :
أ-قيام الفيدرالي الامريكي بتخفيض سعر الفائدة ( هناك توجه لدى الإدارة الامريكية لتخفيض سعر صرف الدولار مقابل العملات الرئيسية لزيادة جاذبية السلع الامريكية بالتالي تخفيض العجز في الميزان للولايات المتحدة ).
ب-وجود معدلات تضخم منخفضة لأول 8 شهور من هذا العام وهي 1.86% وتوقعات باستقرارها حول 2.2% لعام 2025 .
ج- وجود رصيد مرتفع من العملات الاجنبية بلغ 22.8 مليار دولار يكفي لتغطية مستوردات المملكة من السلع والخدمات لمدة 8.7شهر .
د- قوة وملاءة القطاع المصرفي ( مؤشرات المتانة المالية )حيث بلغ معدل كفاية راس المال والذي يقيس قدرة البنوك على تغطية المخاطر والوفاء بالالتزامات 18% .
ه- نسبة السيولة القانونية 142.4% متجاوزة النسبة المقررة المفروضة من قبل البنك المركزي والبلغة 100% .
و- زيادة تحويلات المغتربين خلال الشهور السبعة الاولى بنسبة 1.5% لتصل الى 2.1مليار دولار.

وتتمثل سياسة سعر الصرف التي ينتهجها الاردن ، ومنذ تشرين اول 1995 في ربط الدينار الأردني بالدولار الامريكي عند سعر وسطي قدره 709 فلسا للدولار ( الدينار الأردني يساوي 1.41 دولار أمريكي ) ، أما سعر صرف الدينار مقابل العملات الرئيسية الأخرى فيتم تحديده وفقا لتطور أسعار صرف تلك العملات مقابل الدولار الأمريكي في أسواق المال العالمية ، بالتالي وفقا لهذا السعر وعلى سبيل المثال فأن سعر صرف الدينار مقابل العملات الرئيسية وبعض العملات في الدول العربية هو كما يلي :

اليورو الواحد يساوي 829فلس ، و 100 ين ياباني يساوي 477 فلس ، والجنيه الاسترليني يساوي 950 فلس ، والفرنك السويسري يساوي 886فلس،الريال السعودي يساوي 198فلس ، والدرهم الاماراتي يساوي 193فلس ، والريال القطري يساوي 194 فلس ،والجنيه المصري يساوي 16 فلس ، والليرة التركي تساوي 17 فلس .

ولكي تتضح الصورة نورد فيما يلي سعر صرف الدولار الامريكي مقابل بعض العملات الرئيسية والعملات في الدول المجاورة في البورصات العالمية وحسب سعر صرف العملة المعتمد في بعض الدول :
-الدولار الواحد يساوي 7 يوان صيني .
-اليورو الواحد يساوي 1.17دولا امريكي ( سعر صرف معوم ).
-الدولار الواحد يساوي 41 ليرة تركي ( سعر صرف معوم ).
-الدولار الامريكي الواحد يساوي 48 جنيه مصري (سعر صرف معوم ).
-الدولار الامريكي الواحد يساوي 3.75 ريال سعودي ( سعر صرف ثابت ).
-الدولار الامريكي الواحد يساوي 3.67درهم اماراتي .

في ضوء اسعار الصرف للدولار مقابل العملات الرئيسية في البورصات العالمية ( سعر صرف يخضع للعرض والطلب) ، وسعر صرف الدينار الأردني مقابل الدولار والعملات الاخرى اعتماد على تغير الدولار مقابلها ، هل سعر صرف الدينار الأردني المرتفع يخدم الاقتصاد الأردني ؟ .

أن هناك ضرورة لإعادة النظر بسعر الصرف للدينار مقابل الدولار بالتالي مقابل العملات الاخرى للأسباب التالية:
1-دعم الصناعات الوطنية وهي المحرك للنمو الاقتصادي وذلك من خلال تخفيض سعر السلع المنتجة محليا نتيجة انخفاض سعر الصرف مقابل الدولار ، وهذا يزيد من القدرة التنافسية للسلع الاردنية ،على سبيل المثال من اسباب وجود عجز في الميزان التجاري بين الولايات المتحدة والصين هو انخفاض سعر صرف اليوان الصيني مقابل الدولار ، لذا فان السلع الصينية غزت العالم .

2-التقليل من هروب الاستثمارات الاردنية للخارج لان الاستثمارات في أي دولة تتم من خلال العملات الرئيسية وخصوصا الدولار ، فسعر الصرف المرتفع للدينار يخدم هروب الاستثمارات الى خارج الاردن بالتالي زيادة نزيف العملات الاجنبية .

3- زيادة تدفق الاستثمارات الاجنبية المباشرة للأردن (بلغت في عام 2024 بحدود 1.6 مليار دولار وهو رقم متواضع مقارنة بمصر والامارات العربية وهي على التوالي 47 مليار ، 46 مليار دولار ).

4- زيادة تدفق تحويلات الاردنيين العاملين في الخارج حيث بلغت في عام 2024 بحدود 4.8مليار دولار وجاء الاردن في المرتبة الرابعة عربيا وهذا يساهم في تعزيز التنمية الاقتصادية من خلال توجيهها نحو الاستثمارات المنتجة ، بالتالي رفع سعر الصرف الحقيقي الفعال للدينار ( حسب تقرير البنك الدولي تحتل مصر المرتبة الاولى عربيا والسابعة عالميا (22.7 مليار )، في المرتبة الثانية عربيا المغرب (12 مليار )، ولبنان في المرتبة الثالثة (4.8مليار )، أما عالميا تحتل الهند المرتبة الاولى (129.1 مليار ) ، تليها المكسيك (68.2 مليار دولار )،ثم الصين (48مليار دولار ) ).

5-تخفيض فاتورة الاستيراد بالتالي تحسين الميزان التجاري الذي يعاني من عجز مزمن.

6- التقليل من قيمة تحويلات العمالة الوافدة والتي تقدر قيمتها في بعض الدراسات بنصف مليار دينار وفي دراسة اخرى بحدو د المليار وهذا التضارب ناتج عن وجود فجوة بين رقم العمالة الوافدة المسجل والموجود فعلا واختلاف طرق التحويل .

7-تخفيض العجز في الميزان التجاري من خلال تخفيض حجم الاستيراد وزيادة حجم الصادرات ، حيث بلغت حجم الصادرات الكلية خلال عام 2024 (9.4 مليار دينار ) مقابل (19.1مليار دينار ) بالتالي يبلغ العجز في الميزان التجاري بحدود 10 مليار دينار اردني مما يزيد من الضغوطات على رصيد المملكة من العملات الاجنبية .

8- التقليل من خروج العملات الاجنبية لاغراض السياحة والسفر للاردنيين ، وبالمقابل فان السعر المنخفض يشجع السياح على التوجه للاردن .

وحسب التقارير الصادرة عن البنك المركزي يمكن تلخيص واقع الاقتصاد الأردني الحالي كما يلي :

1-رصيد دين الحكومة لغاية نهاية شهر 7 من هذا لعام 46.3 مليار دينار ( الدين العام في عام 1995 اقل من 6 مليار دينار اردني ) ، ويزداد الدين العام سنويا بنسبة 8% او3.5 مليار ، وهذا يشكل ضغط على رصيد الاحتياطيات من العملات الاجنبية، في ظل وجود عجز مزمن في الميزان التجاري .

2- نمو الاقتصاد الأردني بمعدلات متواضعة لا تزيد عن 2.7% وهذا النمو لا يستطيع ان يساهم في حل المشكلة الاقتصادية والمديونية العالية .

3-وجود عجز مزمن في الموازنة العامة للدولة ( دوائر حكومية ) يتجاوز 2.2 مليار دينار ، وعد قدرة الحكومة على ايجاد بدائل لسد العجز ورفد الموازنة بإيرادات كبديل عن الاقتراض ورفع الضرائب .

4-وجود عجز مزمن في موازنة الوحدات الحكومية ( الهيئات المستقلة ) يقدر ب 850 مليون دينار ، وعدم وجود أي توجه للحكومة لإعداد دراسة جدوى اقتصادية تبرر وجود تلك المؤسسات التي تعاني في اغلبها من خسائر متتالية .

5- فشل رؤية التحديث الاقتصادي في تنفيذ مشاريع الرؤية الاستراتيجية بسبب عدم وجود صندوق سيادي لتمويلها، وعدم التفكير في بدائل أخرى للتمويل مثل: نظام البوت ، والشركات الاهلية المساهمة ومصادر التمويل الاسلامية .

6- وجود معدلات بطالة مرتفعة تتجاوز 21%.

7- الدين العام الخارجي يشكل تقريبا 50% من الدين العام ، و 70% من الدين العام الخارجي هو بالدولار الامريكي وهذا الدين يزداد بوتيرة عالية لذا لا بد من التفكير مليا في ان استنزاف رصيد الاحتياطيات الاجنبية قد يصل بالأردن الى نقطة لا سمح وهي العجز عن السداد ، والمشكلة الاقتصادية التي واجهها الاردن في نهاية الثمانيات ليست بعيدة .

ان أي قرار على صعيد السياسة النقدية او المالية لها اثار سلبية وايجابية بالتالي من الاثار المتوقعة هو زيادة معدلات التضخم بسبب زيادة كلفة السلع المستوردة وخصوصا المواد الاولية ويمكن تغطية ذلك من خلال ايجاد بديل محلي وجذب الاستثمارات الاجنبية .

في ضوء ما سبق فاني اعتقد جازما بضرورة قيام البنك المركزي الذي لديه ادارة حكيمة ورصينة بإعادة النظر بسعر صرف الدينار الأردني المرتفع مقابل للدولار ، حيث ان قرار الربط مضى عليه اكثر من 30 عاما دون تعديل.



أ.د.عبدالفتاح العبداللات
باحث في الاقتصاد الاسرائيلي و الشرق الأوسط











طباعة
  • المشاهدات: 16982
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
05-10-2025 08:29 AM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
برأيك.. هل تنهي خطة ترامب حرب "إسرائيل" على غزة وتدفع نحو إقامة دولة فلسطينية؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم