حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الإثنين ,13 أكتوبر, 2025 م
طباعة
  • المشاهدات: 14185

زياد فرحان المجالي يكتب: وزراء بلا هيبة… حين يختلط الوزير بالمراسل

زياد فرحان المجالي يكتب: وزراء بلا هيبة… حين يختلط الوزير بالمراسل

زياد فرحان المجالي يكتب: وزراء بلا هيبة… حين يختلط الوزير بالمراسل

30-09-2025 08:27 AM

تعديل حجم الخط:

بقلم : زياد فرحان المجالي
بعد أن شهدت حديثًا للسيد هاشم الخالدي في موقع سرايا، استوقفني المعنى الذي يختبئ وراء كلمة "الهيبة". الهيبة ليست زيًا رسميًا ولا بطاقة تعريف، وليست لقبًا يُمنح بمرسوم. إنها حضور يُفرض من اللحظة الأولى، قبل أن ينطق المسؤول بكلمة واحدة. المواقف تكشفها أكثر من الكلمات، والقصص العابرة تختصرها أحيانًا ببلاغة تفوق عشرات الخطب.
قبل أيام، جرى موقف يختصر أزمة عميقة في حياتنا السياسية: دخل رجل إلى اجتماع عام، فظنّه أحد كبار الحضور مجرد مراسل أو موظف صغير، فطلب منه أن يجلب له "كاستين شاي". لم يكن يعلم أن الرجل وزير في الحكومة. هنا تكمن المفارقة: لو كان للوزير حضور وهيبة، لما التبس أمره على أحد.
الهيبة ليست بالكرسي
المشكلة ليست في الرجل الذي طلب الشاي، بل في الوزير الذي لم تُعرف عليه ملامح الوزارة. فالوزير الذي لا يفرض نفسه على محيطه، لا يمكن أن يقنع موظفي وزارته بأنه صاحب قرار، ولا يستطيع أن يقنع الناس بأنه ممثل للدولة. في النهاية، المنصب لا يهب صاحبه هيبة تلقائية. الكرسي مؤقت، أما الهيبة فدائمة، تُبنى على الرصيد الشخصي والقدرة على فرض الاحترام.
بين الوزير والموقف الشخصي
أتذكر أنني كنت يومًا ضمن وفد إعلامي رسمي في أحد المؤتمرات الإسلامية، برفقة سمو الأمير الحسن أطال الله في عمره، وكان يمثّل المغفور له جلالة الملك الحسين رحمه الله. في القاعة المخصصة لرؤساء الوفود، وبين جوّ من الأريحية العامة، طلبت بحماسة أن ألتقط صورة مع أحد رؤساء الدول. لم يرد بكلمة، بل اكتفى بنظرة واحدة جعلتني أتمنى أن تنشق الأرض وتبتلعني.
ذلك الموقف علّمني أن الهيبة لا تحتاج إلى كلام ولا إلى استعراض، بل تُفرض بالصمت والنظرة، تمامًا كما تُفقد حين يغيب حضور الوزير عن عيون الناس.
أزمة اختيار لا أزمة أفراد
القصة تكشف أزمة في آلية اختيار الوزراء أكثر مما تكشف عن الأشخاص. فحين تُدار عملية التشكيل بمعايير ضيقة ـ محاصصة مناطقية أو ولاءات شخصية أو اعتبارات ظرفية ـ تكون النتيجة وزراء بلا حضور، بلا أثر، بلا بصمة. الوزير الذي يُختار لأنه يرضي توازنات معينة لا لأنه أهل للمنصب، يفقد القدرة على فرض الهيبة منذ اللحظة الأولى.
الهيبة في التاريخ السياسي
التاريخ مليء بالأمثلة. وزراء مرّوا مثل العابرين، لم يشعر بهم أحد. وآخرون ظلّت هيبتهم قائمة حتى بعد مغادرتهم المنصب. في الأردن والعالم العربي، ما زال الناس يذكرون وزراء وأعيانًا تركوا بصمة عميقة، لأنهم جمعوا بين الكفاءة والحضور. الهيبة عند هؤلاء لم تكن رتوشًا شكلية، بل نتاج تجربة وخبرة وصدق في الموقف.
هيبة الدولة من هيبة وزرائها
هيبة الدولة في عيون مواطنيها والخارج تُجسّدها أحيانًا شخصية وزير. فإذا كان الوزير بلا حضور، هزيل الملامح، مرتبك الخطاب، انعكس ذلك على صورة الدولة ذاتها. الوزير لا يمثّل نفسه، بل يجسّد الدولة. وحين يختلط أمره ويُعامل كمراسل، فالمشكلة لا تخصه وحده، بل تمس هيبة الحكومة والدولة.
الدروس
1. الهيبة تُبنى في الميدان لا على الورق.
2. وزير بلا حضور عبء على الدولة.
3. المعيار في الاختيار يجب أن يشمل الكاريزما والرصيد، لا الولاء فقط.
4. القصة ليست شخصية، بل عامة تكشف عن أزمة في تشكيل الحكومات.
وزير بلا هيبة، كموظف بلا دور. والوزير الذي لا يُعرف من أول وهلة، ولا يُفرض احترامه بنظرته أو موقفه، لن ينجح في إدارة وزارة، ولن يقنع موظفًا أو مواطنًا بجدوى وجوده. الهيبة هي الرصيد الذي يحمي الدولة قبل أن يحمي الوزير.











طباعة
  • المشاهدات: 14185
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
30-09-2025 08:27 AM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
برأيك.. هل تنجح "إسرائيل" بنزع سلاح حماس كما توعد نتنياهو رغم اتفاق وقف الحرب بغزة؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم