حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الجمعة ,26 سبتمبر, 2025 م
طباعة
  • المشاهدات: 3353

ا. د. محمد بطيحه يكتب: التصنيفات البحثيه بين الاعتراف الدولي والتأثير المحلي

ا. د. محمد بطيحه يكتب: التصنيفات البحثيه بين الاعتراف الدولي والتأثير المحلي

ا. د. محمد بطيحه يكتب: التصنيفات البحثيه بين الاعتراف الدولي والتأثير المحلي

25-09-2025 04:58 PM

تعديل حجم الخط:

بقلم : ا. د. محمد بطيحه
إن إدراج باحثين عرب، ومنهم نخبة من الأردن، ضمن قوائم عالمية مرموقة مثل قائمة أفضل ‎2%‎ من العلماء الأكثر تأثيراً في العالم يعد إنجازاً يستحق الفخر والاعتزاز، ويدعو إلى تهنئة صادقة لهؤلاء العلماء الذين بذلوا سنوات طويلة في البحث والدراسة حتى غدت أسماؤهم حاضرة بين النخبة العالمية. فوجود باحثين من جامعاتنا الأردنية في مصاف كبار العلماء في العالم هو في ذاته شهادة على الجهد الفردي والمثابرة العلمية، ويؤكد أن الكفاءات الأردنية قادرة على المنافسة والتميز حين تتوفر لها البيئة الداعمة.
غير أن هذا الاعتراف الدولي، على أهميته، يثير تساؤلات مشروعة حول مدى انعكاسه على أرض الواقع. فالتصنيفات العالمية تعتمد في الغالب على مؤشرات كمية مثل عدد الاستشهادات العلمية ومعامل التأثير، وهي مقاييس دقيقة لرصد الأثر الأكاديمي، لكنها لا تكشف بالضرورة عن حجم الفائدة العملية التي تترتب على هذه الأبحاث داخل مجتمعاتنا. فالمجلات العلمية العالمية قد تحتفي بدراسة متخصصة تحصد مئات الاستشهادات، لكن السؤال يبقى: هل انعكس هذا البحث على تطوير دواء جديد؟ هل أسهم في تحسين قطاع صناعي أو زراعي؟ هل ساعد في صياغة سياسات عامة أكثر كفاءة؟
هنا يبرز الحديث عن معايير أخرى بدأت تكتسب أهمية عالمياً، مثل مؤشر النزاهة البحثية (RI2)، الذي لا يقتصر على قياس الكم والاقتباسات، بل يهتم بجودة البحث ونزاهة منهجيته ومصداقية نتائجه ومدى توافقها مع المعايير الأخلاقية والشفافية العلمية. مثل هذه المؤشرات تُعيد توجيه البوصلة نحو الأثر النوعي للبحث، لا مجرد حضوره في قوائم الاستشهادات. فالعلم لا يُقاس فقط بما يُكتب عنه ويُستشهد به، وإنما بما يقدّمه من معرفة صادقة قابلة للتطبيق وتحمل قيمة مضافة للمجتمع.
التحدي الحقيقي أمام الجامعات العربية، بما فيها الجامعات الأردنية، ليس فقط في الظهور في مثل هذه القوائم، وإنما في تحويل هذا التميز الفردي إلى رافعة جماعية للتنمية. فما جدوى أن يحصد الباحث العربي أو الأردني أرقاماً عالية في الاستشهادات إن ظل أثر بحثه محصوراً في النطاق الأكاديمي دون أن يلمس المواطن نتائجه في حياته اليومية؟ وما الفائدة من الإنجاز إن لم يتحول إلى شراكات صناعية، أو ابتكارات تقنية، أو براءات اختراع، أو برامج وطنية تسهم في نهضة المجتمع؟
ومع ذلك لا يمكن إنكار أن هؤلاء الباحثين يمثلون بارقة أمل ومصدراً للإلهام، فهم نماذج مشرّفة تؤكد أن العالم العربي، ومنه الأردن، يزخر بالعقول المبدعة والطاقات العلمية القادرة على المنافسة عالمياً. ومن حقهم علينا أن نهنئهم ونثمّن جهودهم، لكن من واجبنا أيضاً أن ندعو المؤسسات المعنية إلى استثمار هذا النجاح، وتحويله إلى مشاريع تطبيقية، ومراكز تميز، وشراكات مع القطاعات الحيوية، بحيث تصبح إنجازاتهم الفردية جزءاً من مشروع جماعي يرتقي بواقع التعليم والبحث والإنتاج العلمي في وطننا العربي الكبير.











طباعة
  • المشاهدات: 3353
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
25-09-2025 04:58 PM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
ما مدى رضاكم عن أداء وزارة الاتصال الحكومي بقيادة الوزير محمد المومني؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم