23-09-2025 08:54 AM
بقلم : الدكتور علي فواز العدوان
لم يعد الصراع الدولي مجرد نزاع جيوسياسي على النفوذ، بل تحوّل إلى حرب مفتوحة للسيطرة على الثروات الحقيقية للعالم، وعلى رأسها الطاقة والغاز. وفي قلب هذه الحرب، تقف الولايات المتحدة التي اعتادت أن تمسك بمفاتيح الأسواق وتوجه بوصلتها، لتجد نفسها اليوم أمام واقع جديد يهدد ريادتها العالمية.
الولايات المتحدة، التي طالما فرضت إرادتها تحت شعار "الديمقراطية وحقوق الإنسان"، تكشّفت حقيقتها أكثر من أي وقت مضى عبر موقفها الأعمى تجاه القضية الفلسطينية. هذا الموقف الذي لم يعد يفضح ازدواجية المعايير فحسب، بل كشف عن جوهر استراتيجيتها دعم إسرائيل للسيطرة على بحر غزة، حيث يقع أحد أكبر حقول الغاز في شرق المتوسط، مفتاح إمدادات أوروبا بعد أزمة الطاقة التي سببتها الحرب في أوكرانيا.
إن ما تسعى إليه واشنطن من خلال ربط أمن إسرائيل بملف الطاقة في المتوسط ليس سوى محاولة جديدة لإعادة إنتاج أدوات الهيمنة القديمة. لكنها محاولة محكومة بالفشل، لأن المشهد الدولي تغيّر.
روسيا لا تزال اللاعب الأبرز في سوق الغاز رغم العقوبات.
الصين تبني تحالفات استراتيجية وتستثمر في البنية التحتية للطاقة عالميًا.
أوروبا نفسها تعيش مأزقًا بين التبعية لواشنطن وحاجتها لحلول أكثر استقرارًا.إن اختزال الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي في بعد أمني يهدف للهيمنة على الغاز، يكشف كيف تحولت واشنطن إلى قوة عمياء تتحرك بقرارات انتحارية. فالرهان على السيطرة بالقوة على موارد غزة سيحوّل البحر إلى ساحة مواجهة مفتوحة، ويعجّل بسقوط النفوذ الأمريكي بدلًا من تكريسه.
اليوم، ومع كل رصاصة تُطلق على غزة، يتهاوى ما تبقى من صورة أمريكا كقوة قائدة للعالم، لتحل مكانها صورة دولة فقدت أخلاقها السياسية، وأضاعت قدرتها على قراءة التاريخ والجغرافيا معًا. وهنا، يصبح السؤال الأهم: هل نحن أمام بداية نهاية الهيمنة الأمريكية، أم أمام إعادة صياغة لنظام عالمي جديد تُرسم ملامحه من بحر غزة إلى قلب أوروبا؟
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
23-09-2025 08:54 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |